السؤال العنوان .. يتردد على ألسنة كل المقترضين من البنوك، وبعد رفع أسعار الفائدة بواقع 7 مرات العام الماضي، واحتمال رفعها أيضا هذا العام، الذي تسود بشأنه تكهنات مالية عالمية، بأنه سيكون أصعب من سابقه، وأن ثلث الاقتصاد العالمي مهدد بانكماش جديد، نتيجة ارتفاع التضخم في أمريكا الى درجة لم يبلغها منذ 40 عاما، وقد سقط أمس الأول بنك «سيليكون فالي» الأمريكي، الذي يقرض أكثر من نصف شركات التكنولوجيا هناك، وقد قالوا بأن رفع سعر الفائدة التي قررها البنك الفيدرالي الأمريكي بواقع 8 مرات العام الماضي، أدى إلى هروب المستثمرين في البنك وتدني أسعار أسهمه، إلى الدرجة التي دفعت السلطات الأمريكية بالتدخل والسيطرة على البنك خشية مزيد من انهيارات وفوضى.. وما زالت أسواق عالمية ومؤسسات مالية وحكومات كثيرة، تحذر من انعكاسات رفع أسعار الفائدة على الاقتصاد.
لكن ما الذي يعنينا من رفع أسعار الفائدة في أمريكا، بل ما تأثيره على بنوكنا وبالتالي على اقتصادنا الذي تبذل الحكومة وكل المؤسسات المعنية في الدولة قصارى جهدها، لتعافي اقتصادنا بعد كورونا والحرب الأمريكية الأوروبية ضد روسيا في أوكرانيا؟
تساءلنا أكثر من مرة في هذه الزاوية عن «قانونية» قيام بنوكنا برفع أسعار الفائدة بأثر رجعي على قروض سابقة، ولم نعرف الإجابة، وأصبحنا اليوم نتساءل عن آلية الاعتراض على رفع أسعار الفائدة على قروض سابقة، ولم نعرفها بعد !
زادت قيمة الأقساط الشهرية على المقترضين بسبب هذا الرفع المتواصل لأسعار الفائدة، بينما تدنّت القيمة الفعلية لرواتب المقترضين ودخولهم، أمام ارتفاع الأسعار، وقد سبق وأن تساءلنا في هذه الزاوية عن «الحكمة السياسية» المفقودة، أو التي تعرضت لمفارقة قاسية، حيث تسعى الدولة بكل جهد ممكن لدعم الناس، والتخفيف عنهم، وفعلت الكثير وما زالت، لكن لماذا تختفي هذه الحكمة مقابل استفراد البنوك بالناس واقتطاع أموال منهم عن قروض سابقة؟
هل يمكننا مثلا ان نطالب الدولة بتحمّل ارتفاع أسعار الفائدة التي تفرضها البنوك؟.. يعني من ارتفع قسط قرضه الشهري مبلغا ما، هل يحق له مطالبة الدولة بتحمل هذا الارتفاع، بدعم المواطن المقترض بشكل مباشر حين لا يكون موظفا حكوميا، وأن تضيفها على راتب الموظف الحكومي؟.. طبعا لا يجوز، سيما وأن هذه الزيادة التي تتقاضاها مؤسسات غير حكومية «غير قانونية» حسب أحكام القضاء الأردني، وحسب قانون البنك المركزي نفسه.
هذه الحالة من «تحكم الشركات» بالناس، ليست جديدة وليست أردنية، بل بات من المعروف أن السوق هي من تحكم العالم اليوم، فالشركات هي التي تخلق الأزمات والحروب والمجاعات، وهي التي تقوم بتوجيهها بهدف تسويق سلعها، والسيطرة على المستهلكين وهذه واحدة من تجليات «توحش» رأس المال، وشدة قسوته وتغوله على الفقراء وذوي الدخل المحدود.
ثمة حزمة من الأزمات والمشاكل والقضايا التي تهدد مستقبل الأجيال، وبالتالي مستقبل البلاد كلها، فكيف سيكون الحال حين يستمر احتجاز أكثر من دخل المواطن لصالح البنوك، ولسنوات عديدة جديدة؟ .. يعني شو جريمته اللي محكوم عليه بالدفع لمدة 10 سنوات فتزيد المدة وتصبح 15 أو 20 سنة؟
هل اقتطاع اموال الناس بزيادة أسعار الفائدة حق فعلي لهذه المؤسسات، وإن كان كذلك فمن أين يأتي «الآدمي» بمثل هذا المال؟!