آراء وكتاببرلمان 2020برلمانياتهام

النائب زيد العتوم : هل يمكن اجبار المواطنين على أخذ المطاعيم؟

الحياة نيوز ـ بقلم النائب زيد العتوم ـ

تناقضت تصريحات الحكومة الأردنية حول هذا الموضوع مما شكل إرباكا في المجتمع الأردني. فوزير الصحة أفاد بأنه لا إجبار على أخذ المطعوم. ثم عاد وزير الاتصال الحكومي ليقول بأنه لا يشترط موافقة الأبناء لإعطاء المطعوم. وقد استند في ذلك إلى نصوص قانونية تبرر تصريحه. وهذا الأمر بحاجة لمعالجة لتوحيد المواقف لعدم إرباك المواطن ووقف الجدل في المجتمع الأردني.

من الناحية القانونية فإن دول العالم غير متفقة على هذا الموضوع. فبعضها يجبر المواطنين على أخذ المطعوم والبعض الأخر لا يجبر على ذلك. ففي بريطانيا مثلا لا يوجد إجبار، وفي أمريكا هنالك سوابق قضائية تم الإجبار فيها على أخذ المطعوم.

وإذا عدنا إلى الأصل القانوني للموضوع فإن عملية الحفاظ على الصحة وأخذ الأدوية هو موضوع يقع ضمن الحرية الشخصية. ولا يمكن إجبار أي شخص أو جهة على إدخال أي مادة إلى جسم الإنسان دون موافقته. لذلك تجد بعض الأسرى يضربون عن الطعام دون أن يتم إجبارهم على تناوله. ولكن هذا الموضوع يقع ضمن الحرية الشخصية طالما أنه لا يؤذي الغير.

فكما يقال فإن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الأخرين. لذلك فإذا كان عدم الحصول على مطعوم يؤدي إلى الإضرار بشكل جسيم بالمجتمع ككل فإنه من غير المنطقي الاستناد إلى الحرية الشخصية في اتخاذ مثل ذلك القرار ويجب على الدولة أن تتدخل. فنثلا إذا قام أحد الأشخاص بإصدار أصوات مزعجة وهو داخل سكنه ولكن تلك الأصوات مؤذية للمجاورين. فلا يجوز الاحتجاج بأن إصدار الأصوات هي حرية شخصية طالما أنها تؤذي الغير. فذلك يقع خارج الحقوق المشروعة للأفراد. ونفس الشيء ينطبق على موضوع المطعوم من وجهة نظري، فإذا كان قرار الشخص عدم أخذ المطعوم يؤذي الغير، فلا مجال للقول بأن ذلك حرية شخصية. هذا من حيث المبدأ، أما من حيث التطبيق العملي في الأردن فمن الناحية القانونية ورد في المادة ٢٨ من قانون الصحة العامة الأردني ما يلي:

“أ- على والد كل مولود او الشخص الموكول امره اليه ان يراجع ايا من المراكز الصحية التابعة للوزارة او أي مركز تطعيم تعتمده الوزارة او أي طبيب معتمد لتطعيم الطفل باللقاحات المدرجة ضمن البرنامج الوطني للتطعيم ووفق التعليمات التي تصدرها الوزارة وعلى الشخص الذي قام بعملية التطعيم ان يصدر شهادة تطعيم يسجل فيها المطعوم المعطى للطفل وتاريخ إعطائه

ب-اذا اقتضت ظروف الصحة العامة وفي حالات خاصة، للوزير ان يقرر اعطاء المطاعيم اللازمة للأشخاص من مختلف الشرائح العمرية وله ان يقرر اعادة التطعيم بجرعات متكررة كلما دعت الحاجة

ج-على الوزارة تامين المطاعيم والامصال الوقائية اللازمة لحماية الاطفال والصحة العامة للمواطنين”

كما نص المادة ١١ من قانون حقوق الطفل على ما يلي:

“المادة 11- تتخذ وزارة الصحة بالتنسيق مع الجهات المختصة جميع التدابير اللازمة لضمان تمتع الطفل بأعلى مستوى صحي بما في ذلك ما يلي:-

ج- الوقاية من الأمراض المعدية والخطرة والمزمنة بموافقة والديه.”

بناء على ما تقدم فإنه من الواضح من نصوص تلك المواد بأن موافقة الوالدين ضرورية لإعطاء المطاعيم وذلك سندا لنص المادة ١١ من قانون حقوق الطفل، إلا أنه توجد حالات معينة واستثنائية تجيز لوزير الصحة استنادا لقانون الصحة العامة اتخاذ الإجراءات اللازمة والقصرية لإعطاء المطاعيم في حال كان عدم الحصول على المطعوم سيؤثر على المجتمع ككل.

والسؤال هنا، هل عدم أخذ المطعوم يؤثر على سلامة المجتمع ككل؟ وهل ستكون هنالك خطورة على الأطفال الذين أخذوا المطعوم في حال تعرضهم لعدوى من أطفال لم يحصلوا على المطعوم، فهل ستبقى الخطورة قائمة؟ هذا موضوع يتعلق بالسلامة العامة وهو بحاجة لإجابة طبية تقنية متخصصة.

ولكن في جميع الأحوال فإنه يتوجب على الحكومة تطمين المواطن بالحجة العلمية والقانونية بأن المطعوم المنوي إعطاءه هو مطعوم آمن ومستخدم عالميا من قبل دول مشهود لها بسجلها في مجال الصحة العامة ومجال إجازة الأدوية والمستحضرات الطبية. وعندها لن تجد مقاومة من المواطنين. فالسبب الذي يدفع المواطنين لمقاومة المطعوم هو عدم ثقتهم بمبررات ومستندات الحكومة التي تم تقديمها، وخاصة مع وجود حجج مضادة لرواية الحكومة ومقنعة للمواطن ومدعمة بالوثائق والتي لم تفندها الحكومة لغاية الآن.

لذلك فلا يمكن الحديث الآن عن إجبار المواطنين على إعطاء المطعوم لأطفالهم دون قناعة بذلك. لأن سبب تردد الأباء في إعطاء أبنائهم المطعوم هو خوفهم على أبنائهم، وليس بسبب استهتارهم أو عدم اكتراثهم، وهنا يكمن كل الفرق بين الإجبار والاقناع.

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock