آراء وكتابهام

تحديد الأولويات مدخل كل إصلاح

الحياة نيوز – بلال حسن التل

تتكاثر في بلدنا الاجتهادات والطروحات, مثلما تتكاثر المبادرات والمؤتمرات,وعليه فإننا بحاجة الى مرجعية قياسية نحتكم إليها لمعرفة أي الاجتهادات والطروحات والمبادرات أنسب لنا, حتى لا تضطرب الأولويات ويغني كل على ليلاه.

لقد طرحنا أكثر من مرة سؤال الأولويات الوطنية وقلنا إن الإجابة على هذا السؤال تحتاج الاصغاء إلى اهل التجربة والخبرة في شتى المجالات في مجتمعنا، ومن مختلف الاتجاهات، انطلاقا من الإيمان بالقاعدة التي تقول إنه لا احد يمتلك الحقيقة وحده، وانه لا بد ان تكون هناك بوتقة تلتقي فيها الرؤى المختلفة والتجارب المتنوعة، لتنصهر جميعها في برنامج وطني موحد، تلتقي حوله غالبية الناس، ذلك ان الإجماع في مثل هذه القضايا مستحيل ما يستدعي أن تنصت الأقلية إلى صوت الأغلبية، وهنا نكرر ما سبق وأن كتبناه من أن التحديد السليم للاولويات?لا بد من ان ينبثق من خلال تلمس حاجات الناس الحقيقية للانطلاق منها، وفي اطار السياق التاريخي والجغرافي والتجربة الحضارية لمجتمعنا، بعد ان ثبت بالتجربة العملية والدليل المادي الملموس فشل كل محاولات الاصلاح والتغيير التي جرت وتجري من خلال استيراد وصفات من تجارب الآخرين، وهي تجارب تختلف بالضرورة عن تجربة مجتمعنا وسياقها التاريخي والجغرافي، فمن المعلوم ان للتاريخ أثره في تشكيل، عقلية ونفسية واتجاهات الشعوب. مثلما ان للجغرافيا ومناخاتها الطبيعية تأثيرا واضحا في هذا التشكيل، وهي اختلافات يلحظها علماء الاجتماع بوض?ح، على ان ذلك لا يعني ألا نسترشد بتجارب المجتمعات الاخرى استرشادا لنأخذ من هذه التجارب ما يفيد في تقوية تجربتنا الذاتية، مع الحفاظ على هويتنا الحضارية بعد ان عانينا طويلا من اخفاقات الوصفات المترجمة التي جرت محاولات لإنزالها على واقعنا عنوة، دون مراعاة للخصوصيات الوطنية من جهة، ودون بذل جهد لتحديد الأولويات التي يريدها الناس من خلال الحوار معهم، ولعل هذا هو سر اخفاقنا حتى الان في تحديد اولوياتنا الوطنية في بعض المجالات، وسر التبدل الدائم لهذه الاولويات، خاصة مع تبدل الحكومات السريع في بلادنا، وكما قلنا ساب?اً نقول الآن إنه لا بد من السعي لصياغة الاولويات الوطنية في اطار استراتيجية وطنية عابرة للحكومات، محمية بارادة شعبية، لتشكيل رقابة على الأداء بهدف تحقيق المصالح الوطنية وحمايتها.

إن تحديد الأولويات الوطنية يستدعي ترسيخ مفاهيم اساسية في مجال العمل العام، أهمها: ترسيخ مفهوم التفكير الجماعي في اطار التنوع والتعدد الذي تجمعه القواسم المشتركة والتعاون على ما نتفق عليه، وثانيها ترسيخ مفهوم المشاركة المبني على الحرية، كشرط اساسي لبناء المجتمع التعددي الديمقراطي الذي نسعى اليه والذي يحدد اولوياته، بناء على حاجاته الاساسية، وهذا هو اساس وسبيل نجاح اية خطة للنهوض بالمجتمع، الذي هو هدف نسعى جميعا الى تحقيقه.

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock