آراء وكتابهام

المسيحيون والمسلمون: المشاركة في الأفراح والأحزان

الحياة نيوز – الأب رفعت بدر – صدرت في الجمعة الاولى من رمضان الرسالة السنوية من المجلس البابوي للحوار بين الاديان، في حاضرة الفاتيكان، والموقعة من الكاردينال ميكيل ايوزو رئيس المجمع، وتحمل هذا العام عنوان: المسيحيون والمسلمون: المشاركة في الأفراح والأحزان.

لا تخفي الرسالة ما سببته جائحة كوفيد-19 في مقتل ملايين الأشخاص حول العالم. كما مرض آخرون وتمّ شفاؤهم، ولكنّهم عانوا الكثير لفترة طويلة من عواقب العدوى. وتقول مخاطبة الاخوة المسلمين في العالم: بينما تحتفلون بشهر رمضان الذي يختمه عيد الفطر، فإنّ أفكارنا تتّجه بالامتنان إلى الله القدير الّذي بعنايته حفظنا جميعًا سالمين. كما نصلّي بحزنٍ من أجل الموتى، وبرجاءٍ من أجل المرضى.

تتحدث الرسالة الفاتيكانية الرمضانية، عن موضوع المشاركة، فتقول اولا: نتشارك جميعاً في عطايا الله: الهواء والماء والحياة والغذاء والمأوى وثمار تقدّم الإنسان في المجالات الطبيّة والدوائية ونتائج تقدّم العلوم والتكنولوجيا في مختلف المجالات وتطبيقاتها والاكتشاف المستمرّ لأسرار الكون…إنّ إدراك طيبة الله وكرمه يملأ قلوبنا بالامتنان تجاهه تعالى، ويشجّعنا في الوقت نفسه على تقاسم هباته مع إخوتنا وأخواتنا الّذين هم في أيّ نوعٍ من أنواع الاحتياج. إنّ الفقر والظروف المحفوفة بالمخاطر التي يجد العديد من الأشخاص أنفسهم فيها، بسبب فقدان الوظائف والمشاكل الاقتصاديّة والاجتماعيّة المتعلّقة بالجائحة، تجعل واجبنا في المشاركة أكثر إلحاحًا.

اما مصدر هذه المشاركة، فهو التعاطف الحقيقيّ والشفقة الفعّالة تجاه الآخرين. وتضع، في هذا السّياق، تحدّيًا ذا مغزىً في العهد الجديد من الرسالة الاولى للقديس يوحنا: «مَن كانت له خيرات الدّنيا ورأى بأخيه حاجةً فأغلق أحشاءه دون أخيه، فكيف تقيم فيه مَحبّة الله؟ يا بَنيَّ، لا تكن مَحبّتنا بالكلام ولا باللّسان بل بالعمل والحقّ».

اما أنواع المشاركة، فهنالك المادية، لكنها لا تتوقف عندها، بل هي قبل كلّ شيء مشاركة أفراح وأحزان بعضنا البعض، والّتي هي جزء من كل حياة بشريّة. وتقول لقد أوصى القدّيس بولس مسيحيّي روما أن يفرحوا مع الفرحين ويحزنوا مع مَن هم في حزن. وتقتبس الرسالة من البابا فرنسيس، بقوله: «أنّ الألم المشترَك يتناصف، وأمّا الفرح المشترَك فيتضاعف».

من التعاطف تنبع المشاركة في المواقف والمشاعر خلال الأحداث الهامّة، سعيدةً كانت أو حزينةً، لأقاربنا وأصدقائنا وجيراننا، بما فيهم أولئك المنتمين الى أديانٍ أخرى: تصبح أفراحُهم أفراحَنا، وأحزانُهم أحزانَنا أيضًا.

وتعطي الرسالة امثلة حية وعملية عن المشاركة في الأفراح، فتذكر ولادة طفل والشّفاء من مرض والنّجاح في الدّراسة والتّوفيق في الوظائف أو الأعمال والعودة الآمنة من سَفرٍ ومناسباتٌ أخرى بالتّأكيد. وتبرز أيضًا فرحا خاصا بالمؤمنين: الاحتفال بأعيادهم الدينيّة الكبرى. عندما نزور أصدقاءنا وجيراننا من أتباع الدّيانات الأخرى أو نهنّئهم في تلك المناسبات، فإنّنا نشاركهم فرحتهم بالاحتفال بعيدهم، دون أن يعني هذا تبنّي البُعد الدّينيّ للمناسبة التي يحتفلون بها وكانّه خاصّ بنا.

أما عن الأحزان المشترَكة، فتذكر في المقام الأول، وفاة شخصٍ عزيزٍ ومرض أحد أفراد الأُسرة وفقدان الوظيفة وفشل مشروعٍ أو عملٍ تجاريٍّ وأزمةٌ في الأُسرة ينتج عنها أحيانًا تفكّكها. من الواضح أنّنا بحاجةٍ إلى التقارب والتضامن مع أصدقائنا في أوقات الأزمات والحزن أكثر منه في أوقات الفرح والسّلام.

وبعد، نقرأ هذه الرسالة اليوم في اردننا الغالي، وليس غريبا عنه مشاركة الناس بعضهم لبعض في الاتراح والافراح، وتتجلى في صور وطنية وانسانية قلّ نظيرها في بلدان العالم. هنيئا لنا… والى المزيد باذن الله.

[email protected]

الرأي

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock