الحياة نيوز – محمد أبو شيخة – علمونا في المدارس رسم البيوت ، فكان جل تفكيرنا في بداية مشوار حياتنا وحلمنا الأول هو امتلاك بيت يجمعنا يكون وطناً لذكرياتنا ، هذا الحلم الذي لطالما دغدغ عواطفنا ومشاعرنا وكل جوارحنا ، فمن منا عندما كان في براءة الطفولة لم يرسم بيتاً في المدرسة ، هذه الصورة الذهنية التي رافقتنا وما زالت حتى اللحظة بامتلاك ذلك البيت الذي رسمناه على الورق والجدران ، أصبح مجرد حلم كل مواطن .
فالمقبلون على الزواج بات حلمهم الأول امتلاك أجرة بيت يأويهم وعش يجمعهم وأسرهم الوليدة ، فبموجب قانون المالكين والمستأجرين أصبح مأواهم الحلم هذا يستنزف دخولهم ، بعد أن أنصف المالك دون المستأجر ، وزاد الطين بلة استشراء الفساد في جنبات هذا الوطن ، لدرجة أن جذوره تمأسست وأصبح لها امتدادات ، فهل خدعنا معلمونا بطفولتنا من رسم ذلك البيت على دفتر الرسم .
المواطن أصبح اليوم أسير عجزه عن امتلاك اي شيء في وطنه الذي أصبح وفق تقارير ديوان المحاسبة التي تخرج للملأ نهاية كل عام ممهور بآلاف المخالفات والتجاوزات المالية والإدارية والتعدي على المال العام ، نهباً لفاسدين أتقنوا اللعبة دون أن يتركوا أثراً لإدانتهم ، فازدادوا ثراء على ثراء على حساب المواطن الغلبان ، فامتلكوا القصور والبيوت والشقق الفارهة ، فتعدوا بذلك على حقوق المواطنين جراء تجاوزاتهم في وظائفهم من مرافق ومؤسسات الدولة وهيئات تابعة لها.
فحاجتنا أصبحت اليوم ماسة إيجاد لقاحات وعلاجات سريعة لتفشي وباء النهب والفساد المغطى قانونياً ، لأننا قد أصبنا بالغثيان من كثر ما نسمع عن فساد دون أن نرى فاسدين إلا ما ندر .. المطلوب من الحكومة في عام 2021 الذي نتمنى أن يكون عام خير على جميع الأردنيين ووطنهم ، إيجاد لقاح وعلاج سريع ليس لكورونا ، بل إيجاد علاج ناجع لمصير تقرير الفساد الذي استفحل أمره وتجذر وفق تقرير ديوان المحاسبة وما يحمله من تجاوزات وفضائح باسترجاع الأموال المنهوبة ومحاسبة المستهترين .. وعليها أن تعي جيداً أن جائحة تقرير ديوان المحاسبة أخطر بكثير من جائحة وباء كورونا ، لأنها قضت على أحلام الملايين من المواطنين الذين أصبح الألم يستحوذ ليس على حلمهم في امتلاك بيت كالذي رسموه على الورق ذات يوم ، بل على كل شيء في وطنهم