آراء وكتابالرئيسية

الدولة ومكوناتها …كلمة السر

الحياة نيوز- كتب سميح المعايطة:

تاريخ معادلات الدولة الأردنية مع مكوناتها كان فيها كلمات سر حفظتها الأطراف المعنية ،وحين غابت الأجيال التي صنعت ومارست هذه المعادلات تغيرت بعض العلاقات التي كانت .

الدولة والإخوان المسلمين من أهم الأمثلة على  إحدى المعادلات منذ عام 1946 وحتى اليوم ،وكانت كلمة السر بين الطرفين ان الجماعة تاخذ مساحة من الحركة مقابل استخدامها في معارك الدولة السياسية ضد أطراف داخلية وخارجية ، كذلك في الملف الفلسطيني كانت الجماعه تلعب دورا في التوازن الديموغرافي وتحجيم نشاط الفصائل ،وكان الإخوان مهما ارتفع صوتهم ومارسوا نقدا أو معارضة عيونهم على الدولة وخطوطها الحوراء ،وفي لحظات تجد الجماعه تعود إلى المعادلة ولا تنسى كلمة السر ،بل إن الجماعه من منطلق المصالح المشتركة قدمت مبادرات حسن نوايا في  منتصف الخمسينيات لأنها أيضا كانت تخاف من سيطرة اليسار واتباع عبد الناصر على الحكم وعندها كما قال الإخوان ستعلق مشانقهم في عمان.

وفي عام 1970 حينما كانت أحداث الامن الداخلي اختار الإخوان الذين كان لهم قاعدة عسكرية تقاتل تحت لافتة فتح ،اختاروا عدم الانحياز للفصائل ضد الدولة ،وكانت هذه نقطة لهم وحفاظا على المعادلة ، وكانت مشاركة إسحق الفرحان رحمه الله في الحكومة نوعا من الاعتراف بحسن تعامل الإخوان ،حتى وأن كانت مشاركة فردية لكن د.الفرحان الذي تم فصله من الجماعه عاد إليها بعد ذلك .

هو فهم كلمة السر الذي لا ينطبق على الإخوان بل حتى على الأفراد الذين يمارسون العمل السياسي ،لكن الإخوان نموذجا وهم الذين حافظوا على جوهر المعادلة حتى وهم يتعرضون لنوع من التضييق .

لكن الجماعه وبسبب نهج بعض قياداتها خرجت عن المعادلة عام 1986  في أحداث اليرموك ، التي كان لها جانب آخر غير طلابي بين الدولة والجماعه ، لكن الأمور عادت في أحداث عام 1988 حينما وقف الإخوان على الحياد في تلك الأحداث ،ليس فقط التزاما بالمعادلة بل رفضا لأي شراكة مع اليسار والقوميين ،وهو عداء توقف نظريا بعد معاهدة السلام لكن التوقف لم يفتح الباب لأي تحالف .

وجاءت انتخابات عام 1989  التي تفاجأ الجميع بارقامها ،لكن وجود الإخوان كان عامل امان في مواجهه قوى أخرى في البرلمان ،الإخوان أيضا كان لاهدافهم سقف براغماتي ،فكانت علاقتهم مع حكومة مضر بدران إيجابية تراوحت بين المشاركة ومنح الثقة بشروط نظرية او وهمية .

وعندما جاء قانون الصوت الواحد عام 1993  فهم الإخوان الأمر وشاركوا في الانتخابات وفقه حتى وهم يتحدثون انه يستهدفهم ، وما بين عام 1993  وعام 1997 طرأت تغييرات جوهرية على قيادة الجماعه ،فلم تعد المعادلة مهمه فكانت المقاطعة لانتخابات 1997 ،ورغم الرسائل التي كانت في حديث الحسين رحمه الله للجماعه فإن المعادلة غابت عن قيادة الجماعه .

واستمرت التغيرات داخل بنية الجماعه ومعادلتها وبخاصة مع تولي جلالة الملك سلطاته الدستورية ، ولم تعد المعادلة تحكم الجماعه لأن من يقود يفكر بطريقه أخرى ،حتى جاءت فترة الربيع العربي التي تعاملت بها الجماعه بمعادلة إقليمية وليست أردنية ،فتعمق التباعد حتى وصلنا إلى الوضع الحالي .

ورغم أن ما سبق كان حديثا عن الإخوان إلا أنه مثال ،لأن في ساحتنا أمثلة كثيرة لأشخاص وجهات ،والقاسم المشترك بين الجميع هو الحفاظ على المعادلة ، فمن ذهب به خياله او ماله او نفوذه إلى الاعتقاد أنه سيكون شريكا للدولة في إدارة الأمر فإنه في النهاية سيجد نفسه صاحب تجربة مريرة ،المعادلة تقول ان اي نفوذ لفرد او جهة هو نفوذ تمنحه الدولة وأن أصحابه لن ينتقلوا إلى مرحلة فرض الشروط او الشراكة حتى الجزئية.

هي السياسة التي لاترحم ،فمن دخل عالمها عليه ان لا ينسى معادلات وجوده .

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock