آراء وكتاب

الإعلام العبري غاضب على الأردن ..ونتنياهو يراهن على أراضي الغور والبحر الميت

الحياة نيوز-دكتورة ميساء المصري -هجمة إعلامية إسرائيلية مكثفة إستهدفت الأردن وإحتلت عناوين الصحف هذه الأيام , لتشتعل الأراء بإشتعال الأزمة بين الطرفين . ويبدوا ن للجنرالات في وزارة حرب الكيان نصيب الأسد من التصريحات المتحاملة على المملكة وإتفاقية السلام وتبعاتها الزمنية والمكانية .
رغم أنهم أقروا أن الأردن حليف إستراتيجي منذ نحو 50 سنة، وقد هرعت تل أبيب لنجدة الملك حسين الذي كان نظامه عرضة للخطر بسبب الحرب مع الفلسطينيين واجتياح الجيش السوري شمالا، كما إنه بتنسيق مع إدارة ريتشارد نيكسون ومستشار الأمن القومي هنري كيسنجر، حشدت إسرائيل القوات في مثلث الحدود الأردن ـ إسرائيل ـ سورية، وهددت بإستخدامها ضد الإجتياح السوري .إضافة إلى الوقت الحالي من أن انهيار السلطة الفلسطينية يهدد قدرة الأردن في المحافظة على إتفاقية السلام .
وربما هنا نلحظ مغزى سياسي ذو حدين من هذه الإعترافات الرفيعة المستوى والتي تلمح الى الدور الإسرائيلي لأمان الأردن . وخصوصا انه الأضعف حاليا، بسبب تدهور اقتصاده وتوازنه الديمغرافي ، ويحتاج أكثر إلى إسرائيل التي يمكن أن تلعب دور الضامن لأمنه واستقراره، في إقليم شرق ـ أوسطي متغير، تتزايد فيه التهديدات لأمن دوله ومجتمعاته، وتتعرض فيه أنظمة الحكم لأخطار الفشل والتبدل حسب قولهم.
ونجد الأكثر حدية وغضبا الكاتب اليميني الإستيطاني المتطرف نداف هعتسني في مقالة له بصحيفة معاريف، اذ إعتبر الأردن عنصرا معاديا لإسرائيل بسبب إستعادة السفير من تل أبيب، بعد أزمة المعتقلين ، مما يؤكد فشل اتفاق السلام الذي وقع بين الدولتين قبل ربع قرن ، وأن ما حاول اليسار بالكيان تسويقه للإسرائيليين أصابهم بخيبة الأمل.
وبذلك يرى أن إسرائيل باتت اليوم مضطرة لإعادة المناطق الزراعية المستأجرة من المملكة، لأن شركاء السلام الأردنيين يرفضون تجديد عقد الإيجار الموقع قبل 25 عاما، في حين أن إسرائيل تُوفر للأردن ما قيمته 50 مليون متر مكعب من المياه سنويا، قابلة للمضاعفة ، وتمنح الهاشميين مكانة مميزة في الحرم القدسي، كما زعم، لكن الكيان لم يتلقَ من الأردنيين منذ اتفاق السلام إلا مزيدا من الكراهية..لذلك على ساسة اسرائيل تعلم الدرس من تدهور العلاقة مع الأردن فيما يخص العلاقات الإسرائيلية مع دول الخليج، فيجب ألا يدفعوا أثمانا مقابل ذلك، فالسعودية تحولّت إلى صديقة لإسرائيل دون أن نعطيها أراضي كالأردن، أو نتنازل لها عن ثروات طبيعية كما فعلنا مع الأردن ، لأن السعودية تعلم أن مفتاح الإستقرار في المنطقة هو إسرائيل، القادرة على الدفاع عنها أمام إيران والشيعة.
وبناءا على رؤية الاعلام العبري للخليج هل نتساءل نحن العرب عن مدى مقاربة إتفاقيات السلام مع وثيقة عدم الإعتداء.. الجديدة بين إسرائيل و منطقة الخليج، التي تشهد توتراً على عدة جبهات؛ أولها الحوثيون، وحرب الناقلات في مياه الخليج العربي، والتهديد الإيراني. فهل نضع الإتفاق في خانة إتفاق إستسلام نهائي لأنه لا إعتداءات بين الطرفين منذ تشكل “إسرائيل” في 1948. مما يدل على أن الاتفاقية وسيلة تحايلية للتخفيف من ردود الفعل.مع ان المواطن العربي يعي حجم الإستنزاف المادي من وراء ذلك .
اذن وفقا لإعلامهم الإستخبارتي هكذا يبدو الأردن من منظور إسرائيلي. ويبدو أن النخب الإسرائيلية لم تعد تكترث كثيرا بمصالح الأردن،وستجعل منه، الضحية. فالخلافات حادة بين الجانبين، من الحدود والأمن والقدس والأماكن المقدسة والمياه والبنية التحتية وقناة البحر الاحمر الميت والغاز ، والإتفاق هش، لكنه قائم، مع ما يشهده الشرق الأوسط من اشتعال غيرمسبوق وان إستقرارالأردن يشكل مصلحة مهمة، خشية صعود نظام سياسي جديد في عمان، سواء كان فلسطينيا أو آخر، يكون معاديا لإسرائيل، ويعمل على إشعال التوترعلى الحدود الطويلة، بعد أن أحبط إتفاق السلام أي تهديدات قادمة عبر هذه الحدود.
رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات، سيصل إلى العاصمة الأردنية عمان في غضون الأيام القريبة ,للتفاوض . لكن يبدو أن النخب الحاكمة في إسرائيل تتصرف على قاعدة أن “الأردن مضمون وقائم على الإعتمادية “، وأن ثمة سقوفا خفيضة لما يمكن أن تكون عليه ردود أفعال الجانب الأردني حيال ما يصدر عن الحكومة الإسرائيلية من مواقف وسياسات وممارسات تعزز حالة “عدم الإكتراث”.
وفي ضوء المجريات الإسرائيلية والقائمة على المراوغة والمماطلة، ليس من السهل تفاوض الأردن على منطقتي الباقورة والغمر بدون عراقيل.هناك مراوغة من الجانب الإسرائيلي، والذي قد يلجأ إلى اللعب بالنصوص لمحاولة إيجاد ثغرات قانونية تحسب لصالحه. نعم الإخطار يعد الخطوة الأولى، ومن ثم تأتي المفاوضات. ولا يوجد في المفاوضات الثنائية صيغة تحكيم، وحتى لو وجدت فإن ذلك يأخذ وقتا طويلا كذلك حتى لو كانت نتائج التحكيم لصالحنا فلا يوجد آلية لتنفيذ التحكيم .

أصحاب القرار في الأردن يرغبون في الجلوس مع رئيس وزراء جديد , لكن المشكلة ليست بسلوك نتنياهو الأرعن كما تقول التصريحات الأردنية . بل هي إستراتيجية صهيونية. فتصريحات نتنياهوعن ضم غور الأردن لا يمكن قراءتها في سياق الوعود الإنتخابية خاصة وأن غور الأردن يمثل خط الدفاع الأول عن الكيان الإسرائيلي، بل هي خطة ضمن مشروع كبير معد مسبقا، أعده رئيس وزراء إسرائيل مع التيار اليميني، الذي يعيش في المستوطنات.مما يحمل إشارات للتيار الاستيطاني بمشروع نتنياهوالجديد للضم بضم الأراضي في يهودا والسامرة. او ما يسمى بسياسة الضم المتسلل من أجل فرض وقائع ميدانية وديموغرافية جديدة .

تسعى إسرائيل وإدارة ترامب للعب بقراري مجلس الأمن رقم 242 و338 وتفريغهما من مضمونهما الأصلي وتسعى إلى منحهما مضموناً آخر، يقوم على الضم، بما يتناقض مع النص ، تناقضاً جوهرياً.وكانت البداية هضبة الجولان، ثم الحلبة الفلسطينية الاردنية و الضفة الغربية وتهيئة الأرضية المناسبة للضم.

لذلك يجب ان لا يراهن الاردن على غياب نتنياهو عن الساحة السياسية لأن خبث نتنياهو يحرك إسرائيل نحو إنتخابات ثالثة .مع فشل غانتس في تشكيل حكومة، أي إمكانية إجراء الانتخابات في مارس المقبل2020 , مما يعني تهرب نتنياهو من تهم في ثلاث قضايا فساد تصل عقوبتها إلى السجن 15 عامًا .
لكن الكيان سيبقى في دوامة ويعتقد أن العقدة لأي حكومة قادمة هو بنيامين نتنياهو؛ وهذا بدوره يكشف وجه النظام السياسي للكيان، والذي يبدو هشًا على غير ما تُظهره وسائل الإعلام العبرية ، و يسعى لإبراز شخص واحد، هو بنيامين نتنياهو فقط لينجو من المحاكمة، ما يعني الشخصنة، وهي علامة غير إيجابية للنظام الإسرائيلي .حتى لو كانت سياسته للموساد.

الاردن في مواقف صعبة عديدة والشعب الأردني رافض للرضوخ والتهويد . وأختم القول بقصة عن مستوطنة “ميغرون”، التي بدأت ببناء برج إرسال هاتفي على تلة. إحتاج البرج إلى حارس، الذي ما لبث أن أحضر أسرته للسكن معه. توالى قدوم العائلات إلى أن أصبحت مستوطنة، “اضطرت” الاحتلال إلى مدها بالماء والكهرباء والصرف الصحي، وترخيصها رسمياً، في وقت لاحق، على الرغم من أنها فوق أراضي عربية…………فهل نعي بؤس ما نحن فيه ؟؟؟

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock