تحقيقات صحفية ومقابلات

رندا حبيب لـ”الحياة” : هذه هي قصة لقائي الأول مع الملك الراحل

* دول عربية تغيّرت قياداتها باسم الحرية وأصحاب صحف “ملكيّين” أكثر من الملك
* هناك ضعف في الإعلام ليس على مستوى الأردن بل على مستوى الوطن العربي

الحياة – حاورها محمد بدوي –
هي سيدة الإعلام العربي بدون منازع صاحبة صولات وجولات في عالم الإعلام العربي والدولي على حدّ سواء . صاحبة الجرأة في نقل الخبر دون أن تنظر الى الخلف او الى عواقب تقاريرها وتحليلاتها ومهما كان الثمن . صادقة مع قرائها ومتابعيها في العالم العربي والدولي إنها الإعلامية رندة حبيب صاحبة النبوءات في عالم السياسة والسياسيين . من منا لا يعرف رندة حبيب رندة حبيب (ولدت في بيروت) هي صحفية لبنانية-فرنسية. كانت مديرة مكتب وكالة فرانس برس في عماّن، الأردن.
عملت في بداية مشوارها الصحفي في عدد من المجلات اللبنانية الأسبوعية، منها مجلة ماغازين والتحقت بوكالة فرانس برس في 1980 وأصبحت مديرة مكتبها في عمّان في 1987 وعملت مراسلة لإذاعة مونت كارلو الدولية في عمّان من 1988 إلى 2005. أسست حبيب أول ناد للصحافة الأجنبية في الأردن عام 1996. وأجرت أكثر من عشرين حوارا صحفيا مع الملك حسين وقامت بأوّل مقابلة مع الملك عبد الله الثاني في مارس 1999 بعد أقل من ثلاثة أسابيع من تنصيبه ملكا للأردن.
“الحياة” التقت مع رندة حبيب حول أهم القضايا التي تتعلق بشأن الإعلام المحلي والعربي والدولي وقضايا أخرى.
تاليا نص اللقاء :-

*كيف تنظرين الى تطور الإعلام المحلي والعربي في ظل تطور التكنولوجيا ووسائل التواصل الإجتماعي على مستوى العالم؟
– بداية هناك ضعف في الإعلام ليس على مستوى الأردن بل على مستوى الوطن العربي ، هناك مشكلة يواجهها الإعلام أو منافس حقيقي وهو السوشيال ميديا ولا نستطيع أن نقول بأن مواقع السوشيال ميديا جميعها سيئة ففي الماضي البعيد لم يكن هناك وسيلة لمتابعة تطورات وأخبار العالم إلا من خلال وسائل الإعلام كـوكالات الأنباء أو التلفاز الرسمي ، أما الآن فالأمر يختلف فهناك مواقع السوشيال ميديا التي باتت تنافس بعض وسائل الإعلام المختلفة ، فالتويتر مثلا أضحى متابع بشكل واضح من قبل المهتمين الى درجة أن بعض المسؤولين ورؤساء العالم يغردون على التويتر مثلا. لكن في نفس الوقت ومن خلال دراسة أجرتها جامعات أمريكية بأن نسبة الأخبار الكاذبة في مواقع السوسيال ميديا وصلت إلى 70% عام 2017/2018. لكن رغم هذا ترى أن هناك منافسة واضحة للسوشيال ميديا والإعلام بكافة أنواعه.

*كيف تقيمين مستوى الحريات في الإعلام المحلي ؟
– رغم المآخذ على الإعلام المحلي في الاردن إلا أنه يبقى الأفضل ، فالتلفزيون الاردني مثلا في الفترة الأخيرة يتطوّر حقيقة لكن يبقى الإعلام الرسمي من وجهة نظر المشاهد والمتابع بحاجة الى مزيد من الشفافية والديمقراطية والحرية مثلا استقبال وجهتي نظر مختلفتين على المستوى السياسي مثلا .. وكل منهم يقدم رأيه ووجهة نظره لكن جميعا ندرك أن هناك سقف محدد للإعلام الرسمي . أما بالنسبة للإعلام الحر فهو حر لكن أيضا نرى ان هناك قيودا توضع على الإعلام الحر.

*عُرف عنك بأنك “تتنبئين” لأحداث سياسية قادمة .. فكيف تنظرين للمستقبل السياسي في المنطقة في ظلّ إقليم ملتهب وخلافات بين دول الخليج العربي وتطورات الأحداث بين إيران والولايات المتحدة؟
– المنطقة كلها تمرّ في أحداث جسام وتعتبر من أصعب الظروف التي واجهتها المنطقة والعالم فهناك خلافات داخلية بين دول في الخليج العربي وهناك إسرائيل التي تتصرّف كما يحلو لها ومع الأسف الشديد قد يعود نتنياهو رئيسا للوزراء وهناك خطورة ترامب وقراراته المفاجئة ومع الأسف الشديد أيضا نلاحظ أن هناك زوج ابنته الذي ولا أعرف كيف وصل الى درجة المعرفة في أحوال وأوضاع الشرق الأوسط فاضحى هو والرئيس الأمريكي خبراء في المنطقة ناهيك عن الانباء التي تتداول بين الحين والآخر عن صفقة القرن ، ولا ندري أيضا كم دولة عربية ستقف مع الأردن للحفاظ على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين المحتلة في ظل إشاعات عديدة نسمعها وتتردد بين الحين والآخر عن محاولات تهجير الشعب الفلسطيني ولا ندري كم دولة عربية ستقف مع الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية أمام المخاطر التي يتعرضون لها يوميا من قبل اسرائيل، هنا لا بد أن أذكر بمعاناة الشعب الفلسطيني في غزة الذي يواجه حصارا خانقا وكبيرا في ظل استمرار الخلافات ما بين حركتي فتح وحماس فالشعب الفلسطيني في غزة هم من دفع الثمن. في ظل هذا كله والاحداث في المنطقة نرى أن دولة الكويت هي الإستثناء الوحيد التي ما زالت تقف على موقفها الواضح والثابت في دعم الأردن والقضية الفلسطينية.

*بصراحة ، هل هناك ديمقراطية حقيقية لدى الإعلام المحلي؟
– بعد الديمقراطية التي أطلقها الملك الراحل الحسين بعد أحداث معان عام 1989 ومن خلال الأبحاث يتفق معي ربما الجميع أن هناك تراجع وتقدم على مستوى الديمقراطية ولا ننسى ايضا ان هناك احداث في دول جوار ساهمت ايضا في التراجع تارة والتقدم تارة أخرى وليس من الضروري أن يكون هذا التقدم أو التراجع يعود لاحداث داخل البلاد فأحيانا كثيرة كنا نرى أن سقف الحريات يرتفع وتارة أخرى كنا نلمس أنه يتراجع لكن في نهاية الامر أعتقد جازمة أن دور الصحفي رغم كل شيء أن يبحث عن الحقيقة والحقيقة فقط لكي يُقدّمها إلى القارئ والمشاهد.
ومن جهة أخرى أرى أن هناك أصحاب مؤسسات صحفية أو رؤساء مجالس إدارات هم ملكيين أكثر من الملك لذلك نرى ونتابع أن هناك رقابة أحيانا كثيرة على صحف أو وسائل إعلام مختلفة من ناحية الخبر مثلا أو تقارير صحفية. فالمواطن يسعى ويبحث عن الحقيقة والحقيقة فقط لذك تراه أي المتابع أو المواطن أو المشاهد يبحث عن الخبر عبر مواقع السوشيال ميديا وهذا ما اسلفت الحديث به آنفا.

*هل تعرّضت إلى التهديد للقتل؟
– نعم . وتعرّضت الى التهديد لمحاولة قتل وكانت هناك حراسة حقيقة وراء ذلك الأمر ولا أنسى هنا من ذكر موقف الاردن الذي لا انساه من خلال الأجهزة المعنية في حمايتي وهذا اكن عام 1994 من قبل أشخاص يتبعون للنظام العراقي السابق فتسطيعون القول معي بأني كنت العدو رقم واحد بالنسبة إلى صدام حسين الرئيس العراقي الراحل ولدي ما يثبت هذا الأمر.

*هل لك أن تُحدّثي القارئ عن لقاءاتك التي لا تنسى مع الملك الراحل الحسين؟
– كانت أول مقابلة لي مع الملك الحسين الراحل حينما كنت طالبة في الجامعة فكان شغفي الإعلام منذ صغري فعقب عودتي أنا وأفراد عائلتي من البرازيل الى لبنان التحقت بالجامعة الفرنسية هناك وخلال دراستي الجامعية عملت في مجلة كانت تكتب باللغة العربية والفرنسية وخلال عملي بهذه المجلة “الاسبوع العربي” عُرض علينا أن نلتقي برؤساء عرب وخلال اجتماع عائلي مع أشقائي اقترحوا عليّ أن أجري لقاء مع الملك الراحل الملك الحسين حيث كان الملك الراحل وخلال زيارته الى اليونان قام بزيارة إلى منزل والدي حينما كان سفيرا في اليونان أبان “الملكية” في اليونان وكان والدي هو عميد السلك الدبلوماسي العربي حينها ففي هذه اللحظة تذكر أشقائي تلك الزيارة الراقية من الملك الراحل وطلبوا مني أن أجري اللقاء وفعلا قمت بزيارة إلى الاردن بعد أيام قليلة ونزلت الى فندق الاردن كونتنيتال وقدمت طلبي من خلال المكتب الإعلامي في الفندق للقاء الملك الراحل واقترح عليّ أحد المسؤولين في المكتب الإعلامي لقاء الملك الحسين وتقديم طلب لقائي مباشرة لأنه كان سيلتقي مع وجهاء العشائر الاردنية للحديث عن مشروع المملكة العربية المتحدة وهذا ما جرى فعلا ذهبت وبعد انتهاء الحديث مع وجهاء العشائر بدأ بمصافحة الحضور وكنت منهم وعرضت عليه طلبي للقاء صحفي معه ، وعدت الى لبنان وبعد يومين أو 3 أيام تلقّيت اتصالا هاتفيا يخبرني بأن الملك الحسين وافق على هذا اللقاء وبدأت الحكاية هنا فعقب وصولي الى الحدود الاردنية في مركبة تعرضت الى التفتيش والتدقيق الذي أثار استهجاني وغضبي فكان زائدا عن الحدّ ونزلت من جديد الى الفندق وفي اليوم التالي ذهبت الى لقاء الملك الراحل فكانت مركبة تتابعني وانا استغرب كل هذا التدقيق والإجراءات الأمنية التي لم أكن أعرف أسبابها بداية ووصلت الى الديوان الملكي وبرفقتي المصور فرضوا أن يلتحق بي هذا المصور وحاولت أن أشرح لهم ضرورة وجوده معي لكنهم أصروا على موقفهم وقالوا أن هناك مصور سيقوم بدوره وواجبه وقبل وصولي للقاء الملك سحبوا مني آلى التسجيل وحاولت ان أشرح لهم اهميته معي لكنهم رفضوا ايضا . عموما بعدها التقيت بالملك الراحل الحسين الذي كان دمثا جدا ولطيفا في لقاءه معي وكان إنسانا حقيقيا ، وبدأ اللقاء ولم استطيع اللحاق في حديث الملك الحسين رحمه الله فبدأ التأثّر يظهر على ملامحي فسألني ماذا هناك فشرحت له تفاصيل ما جرى معي وتخيلوا أضحى يجيب على أسئلتي بكل أريحية ورويدا رويدا حتى أستطيع اللحاق لإجاباته . وعرفت بعدها لم كانت كلّ هذه الإجراءات . ومع الأسف الشديد أحد الأشخاص في لبنان قام بالإبلاغ عني بطريقة غريبة عجيبة بأني أريد إغتيال الملك الراحل الحسين لهذا فهمت أسباب كلّ ما جرى من إجراءات أمنية مشددة حدثت معي وطبعا وصل ها الحديث كله قبلها الى الملك الراحل الذي طالبهم بالتريّث والتأكد من كل هذه الروايات التي ثبت عكسها تماما. فجلالة الملك الراحل أنقذ اللقاء بلطفه ودماثة أخلاقه.

*كيف تنظرين الى مستقبل الإعلام العربي والعالمي؟
– الإعلامي العالمي لبعض الدول المتطورة لا خوف عليه فهناك قوانين تحمي حرية التعبير أما على مستوى العالم العربي فهناك تراجع واضح في حرية الإعلام كما أسلفن آنفا وحرية التعبير فيها تحت أدنى مستوى فهناك دول عربية تغيّرت قياداتها باسم الحرية ، لكن الأردن وبالمقارنة مع هذه الدول العربية فهو الأفضل رغم وجود ملاحظات عدّة وباعتقادي أن تونس لا تزال هي الدولة العربية ليس على مستوى التعبير عن الراي بل على مستويات عديدة وأتمنى أن تبقى بل وتزيد بتقديم هذه الحريات.

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock