آراء وكتابهام

البَطالة .. ( عَاطْلِه )

الحياة نيوز- بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه

الأوطان تحيا بالإنسان ، لانه بدون الإنسان لا وجود ولا قيمة للأوطان . الأوطان بدون الإنسان ليست اكثر من أطيان ، لا حياة فيها ، ولا قيمة لها ، ولا وجود ، ولا حدود لها . وعلاقة الإنسان بالأوطان تؤطر بالمواطنة ، وعلاقة المواطن في وطنه تتلخص في كلمتين محددتين لا ثالث لهما ، وهما : الحقوق والواجبات . فعلى المواطن ان يُقدِّم لوطنه كل الواجبات التي تفرضها عليه مواطنته ، بعدها يفترض ان يلتزم الوطن بتقديم كافة حقوق المواطنة للمواطن ، بعدالة ومساواة ودون عناء . عندها تستقيم المعادلة وتصح العلاقة .

ما ذُكر اعلاه ، يستقيم ، ويُطبق ، ويُنفذ في غالبية دول العالم ، ولو بنسب متقاربة او متفاوته ، ما عدا وطني الحبيب الأردن ، فلا معادلة ، ولا توازن ، ولا مراعاة لحقوق المواطنة ، كل الذي يحصل ان الدولة الاردنية تفكر ، لا بل تخطط وتستخدم كل اساليب الدهاء والمراوغة واستغباء المواطنين ، لتقتنص من المواطن كل الواجبات وتزيد عليها وتبالغ بها ، فانواع الضرائب يستحيل حصرها ومعرفتها وإتقاء شرورها ، وما على المواطن الا الرضوخ والاستسلام والاستجابة مُكرها حتى تسير امور حياته ، ويتقي شر العقوبات والغرامات الخيالية ، والتصيد الذي قد يقوده ليقبع خلف القضبان .

في الاردن ، يُجهِد الاباء انفسهم ، ويرهقون موازناتهم وقدراتهم وامكاناتهم المادية أضعافاً مضاعفة ، فيبيعون اراضيهم ، ويرهنون بيوتهم ، ويقترضون من البنوك ، ويعانون من العوز ، والفقر ، والحاجة ، وضيق ذات اليد ، ويحرِمون أنفسهم من كل شيء ، في سبيل ان يتحصل ابنائهم على الشهادات الجامعية ، ليضمنوا لهم عملاً محترماً ودخلاً يستر احوالهم ، كل ذلك دون ان تتكلف او تتكفل الدولة ولو بفلس واحد ، لا بل تفرض الدولة رسوماً وأعباءاً بدل ان تكون عوناً وسنداً . في حين ان دول العالم حتى التي تعتبر في آخر الركب بين الأمم تتكفل الدولة بالتعليم المجاني لكل مواطنيها حتى الحصول على الدرجة الجامعية الأولى ، ومن هذه الدول :- مصر ، وسوريا ، والعراق .. وغيرها . بينما نحن في الاردن يدفع ولي الأمر ( دم قلبه ) ليتحصل ابنه على شهادة جامعية .

ما هذا الوطن الذي يحترف الاخذ ولا يعرف العطاء للابناء !؟ بلدنا يُعتبر الدولة الاغلى في الوطن العربي ، ومن اغلى دول العالم ، ومع ذلك يَنهب ويَنهش من المواطن بطرق عديدة أغلبها ملتوية ويشوبها الخداع وفقدان المصداقية والشفافية . وللتدليل فقط نورد بعض الأمثلة : – فأسعار السيارات هي الأعلى عالمياً بسبب الضرائب والرسوم العالية جداً ، لا بل الأغلى والأعلى على مستوى العالم . والمشتقات النفطية تُفرض عليها ضريبة قدرها ( ٤٣٪؜ ) والأدهى انها ضريبة ثابته على سعر افتراضي خيالي ثابت أيضاً تم تحديدة ب ( ١٠٠ ) دولار للبرميل ، وبقيت ثابته حتى عندما انخفض سعر برميل النفط الى أقل من ( ١٢ ) دولاراً ، قبل شهور . كما تفرض مسقفات على البيت الذي يسكنه المواطن ، تصوروا ان المواطن يعمل المستحيل ، ويُقتِّر على نفسه ، ليؤمن سقفاً يأويه ويستره هو وعائلته ، يدفع مسقفات سنوية للدولة الاردنية ، فيصبح كأنه يستأجر بيته من الدوله . والمعالجة الطبية بأسوأ حالاتها ، فيضعون البرامج والخطط الصورية لرفع نسبة من يشملهم التأمين الصحي صورياً ، لانه لا يتعدى إصدار بطاقة صحية شكلية عديمة الفائدة ، لان المواطن اذا إضطر لصورة رنين او صورة طبقية مثلاً يتم تحديد موعد له بعد تسعة شهور واحياناً بعد سنة ، فيستفحل المرض ، ويستعصي على العلاج ، وربما يتوفاه الله ، فيصبح القبر اقرب اليه من موعد الصورة . في وطني حتى القبر ، ودفن الموتى كلفها عالية جداً .

وفي النهاية ورغم كل هذه التضحيات وحصول الابناء على افضل الشهادات يجلس الخريج في البيت دون عمل لسنوات ، يبحث لاهثاً عن وظيفة تستر الحال وتسد الرمق ، فلا يجدها . ويعلنون ان نسبة البطالة ( ١٩,٢٪؜ ) وهي نسبة غير صحيحة ، ويقولون ان النسبة ارتفعت الى ( ٢٣ ٪؜ ) بسبب الجائحة ، وكل متابع حصيف يعلم ان نسبة البطالة في اغلب المحافظات مثل : جرش ، وعجلون ، والكرك ، والطفيلة ، وصلت الى ( ٣٣٪؜ ) قبل الجائحة ، فكيف يكون الحال بعدها !؟ هل تعلم الحكومات الاردنية المتعاقبة انه لولا ان ابنائنا ( هَجّْوا ) ، وهاجروا لوصلت نسبة البطالة الى ( ٦٠ ٪؜ ) ربما ، لأن عدد الاردنيين العاملين في دول الخليج العربي لوحدها يزيد عن ( ١,٥ ) مليون ونصف ، وربما يصلون الى ( ٢ ) مليون ، نُخمن العدد لانه لا توجد إحصائيات لعدد الاردنيين العاملين في الخارج ، لان إهتمام الحكومات الاردنية ينحصر فقط بحجم تحويلاتهم السنوية التي تصل الى ( ٤ ) مليارات دولار .

أيها الوطن المسلوب من الغرباء ، الناهب لأبنائك ومواطنيك ، متى تستقيم الأمور !؟ ومتى ستصبح وطناً حقيقياً ترد لمواطنيك ولو جزءاً يسيراً مما يقدمون لك !؟ ليس كل الأوطان أوطان ، بعض الأوطان كلها معاناة وحرمان . لا أدري ماذا يقدم وطننا لنا غير جواز السفر والجنسية والعنوان !؟ أرى انه يقدم لنا القهر والتهميش والفقر والحرمان .

الا تعلم الحكومات الاردنية المتعاقبة ان البطالة تعني تعطيل لطاقات الشباب وخفض لانتاجية مؤسسات الوطن !؟ الا تعلم بانها طاقات شبابية ابداعية مهدورة وغير مقدرة وغير مستغلة !؟ ضيعتم مقدرات الوطن سلباً ونهباً ، وعطلتم طاقات ابنائه نتيجة سوء سياساتكم وادارتكم . لا ادري كيف يمكن ان يُطلب منهم الانتماء ؟ لا أدري كيف يمكن تحصينهم من الإنحراف والإنجراف للمخاطر الكثيرة المتعددة التي تحيط بهم !؟ هل لدى الحكومة فكرة عن انتشار المخدرات تعاطياً وإتجاراً !؟ وهل لدى الحكومة فكرة عن الخلايا النائمة للمنظمات الإرهابية !؟ وهل هي في تناقص ام في إزدياد !؟ أتضرع الى الله العلي القدير ان يفرجها على شبابنا الذين أخذت منهم البطالة كُلَّ مأْخَذْ . غريب ، وعجيب أمرك يا وطن ، تُنهِك الأبناء ، لِتُثري الغُرباء !؟ وأختم ببيتٍ من الشِعر ، يدعو لعكس ما دعى له الرزاز ، حيث وعد وأخلف ، لكن دعوتي هذه لا تستقيم الا بعد ان تنزاح الجائحة التي ( لَخْبَطَتْ ) الكون :-
فَما بَالُكَ قد أقمْتَ بِدَارِ ذُلٍ / وأرضُ اللهِ واسِعَةُ الفضاءِ .

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock