آراء وكتاب

اسرائيل ما بين الفكرة والدولة القومية ” 6 “

* قرارات ترامب تدفع نتنياهو للإعلان عن يهودية الدولة

* عبدالحميد الهمشري كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

ما ميز السياسة الاستيطانية خلال فترة الانتداب البريطاني توزيع المستوطنات الزراعية توزيعاً استراتيجياً على حدود الدول العربية المتاخمة لها؛ فأقامت 12 مستوطنة على حدود الأردن، و12 على حدود لبنان، و8 على حدود مصر، و7 على حدود سوريا، حتى بلغ مجموع ما أقيم منها حتى عام 1946 على حدود دول الطوق العربية 68 مستوطنة يقطنها 18411 مستوطناً ومكنتها من امتلاك ما يزيد على 30% من مجموع الأراضي الزراعية مع نهاية فترة الانتداب عام 1947أي نحو 1.82 مليون دونم.

وإذا كان الاستيطان منذ بدايته هدف لإنشاء الدولة، فإنه بعد إنشائها في عام 1948 اتجه نحو تحقيق أهداف أخرى تمثلت في ترسيخ القاعدة البشرية والاقتصادية والعسكرية للدولة العبرية وبما يخدم أغراضها التوسعية المستقبلية. وكان أول عمل قامت به الحكومة الصهيونية بتاريخ 5 يوليو/تموز 1950، إصدار قانون العودة، الذي يمنح بموجبه كل يهودي داخل فلسطين حق الاستيطان فيها بعد أن تمكنت في العام عام 1948من طرد معظم السكان الفلسطينيين، بفعل مجازر ارتكبتها بحقهم دمرت خلالها قرى ومدن فلسطينية. واستمر هذا الحال حتى حرب يونيو/حزيران 1967، التي كان من أهم نتائجها استكمال سيطرة الدولة العبرية على كامل التراب الفلسطيني ، بعد احتلالها للضفة الغربية وعاصمتها القدس وقطاع غزة، حيث سنحت فرصة جديدة لها لمتابعة ما هو مخطط له ومرسوم صهيونياً نحو تهويد فلسطين، التي بدأت في القرن التاسع عشر وما زالت قائمة إلى يومنا هذا. وكان لانتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية حاضنة الصهيونية وهادرة الحق الفلسطيني ومفكفكة بنى الدول العربية التي ترى فيها أنها تشكل خطراً على الدولة العبرية ، كان لانتخابه الفرصة الذهبية السانحة لاغتنام إعلان قومية الدولة العبرية ، فترامب أصدر قرارات بعد سنة من حكمه أسهمت في تمكين نتنياهو رئيس الحكومة الصهيونية من فلسطين وتجرُّئه للتوجه للكنيست لقوننة قومية الدولة العبرية. من هذه القرارات التي أصدرها إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن” وبعدها بأسبوع تقريباً تراجع عنه واستبدله بفرض “قيود” على بعثة منظمة التحرير فحول واشنطن من وسيط لعملية السلام إلى شريك معادٍ للفلسطينيين .

تبعه في 6 ديسمبر الماضي إعلانه للقدس عاصمة لـ”إسرائيل” وهذا ما لم تقره الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أعلنت رفض تغيير الوضع القانوني للمدينة المقدسة . ثم قراره بتجميد مخصصات أمريكا لــ “أونروا بعد أن قال في تغريدة له: “لماذا يجب أن نواصل دفع مئات الملايين من الدولارات للفلسطينيين ما داموا يرفضون الانخراط في مفاوضات سلام طويل الأجل مع إسرائيل”. وهذا أدى لمعاناتها من أزمة مالية خانقة أثرت على عملها في مناطق اللجوء الخمس، وتحديداً قطاع غزة الذي يعيش حصاراً إسرائيلياً منذ 2006 . كما نقل سفارة بلاده من “تل أبيب” إلى مدينة القدس المحتلة التي افتتحها رسمياً بتاريخ 14 مايو 2018 السفير الأمريكي في الكيان الصهيوني دافيد فريدمان الذي علّق على الحدث بالقول إن: “الرئيس (هاري) تورمان بعد 11 دقيقة اعترف بإسرائيل كأول بلد، والأن بعد 70 عاماً الولايات المتحدة تُقدم على الخطوة التي تم انتظارها والدفاع عنها كل هذه السنوات”. واخيراً طالب بإعادة توجيه مساعدات اقتصادية بأكثر من 200 مليون دولار كانت مخصصة إلى قطاع غزة والضفة الغربية لمشاريع في أماكن أخرى بهدف إجبار السلطة الفلسطينية على التوقف عن دفع إعانات إلى أسر الشهداء والجرحى والأسرى. وهناك قرارات في طريقها للصدور في القريب العاجل هذا ما تناقلته مصادر عليمة في البيت الأبيض المؤكد منها الإعلان عن شطب حق العودة ما يعني تمليك فلسطين بكاملها ليهود واعترافه بقومية الدولة اليهودية .

[email protected]

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock