تحقيقات صحفية ومقابلاتثقافة وفنون

المشايخ : حال الأديب والمثقف الأردني كحال النمور في اليوم العاشر فلديه من الكرامة ما يجعله يقبض على الجمر

*حياتنا الثقافية رغم ما فيها من تقدم تكنولوجي إلا انها لم تستطع أن تصل لمرحلة الرواد الذين انحرموا من الهواتف
* توجد علاقة وطيدة بين الأدب والثقافة والسياسة ومن يقول غير ذلك، فإنه ينطلق من موقف سياسي
* حصل على أعلى الأصوات في انتخابات رابطة الكتاب الأردنيين لدورتين متتاليتين 2013- 2015
* وزارة الثقافة التي تعاني من أزمة مالية خانقة، نجحت في تكريم الأديب والمثقف الأردني

الحياة – حاوره محمد بدوي –
يُعتبر محمد المشايخ، من نشطاء الحراك الثقافي المحلي، ومن أقرب أدباء المملكة للوسط الثقافي ، بدليل حصوله على أعلى الأصوات في انتخابات رابطة الكتاب الأردنيين لدورتين متتاليتين2013-2015، ومشاركاته اليومية في الأنشطة الثقافية التي تشهدها أبرز الهيئات الثقافية في عمان والزرقاء ومن ضمنها لواء الرصيفة، عدا عن مؤلفاته الكثيرة والقيّمة، وعلاقاته وصداقاته مع عدد كبير من أدباء الأردن والوطن العربي، وللتعرف أكثر على شخصيته، كان لنا معه هذا الحوار:

* كيف تقيّم الحياة الثقافية في البلاد؟
– تمتاز الحياة الثقافية المحلية بقدرتها على إنجاب المبدعين، القادرين بصفتهم الفردية، ومن خلال المؤسسات الثقافية التي ينتسبون لها، على إبداع كم هائل ومهم من الاصدرات الأدبية المهمة، وعلى المشاركة في الحراك الثقافي في المملكة وخارجها، إنها ساحة ولاّدة، ولعلّ السبب المهم وراء ذلك، هو كثرة خريجي الجامعات المحلية، وقدرة المؤسسات الأكاديمية والتربوية والثقافية، على الكشف عن المواهب، وتبنيها، ودفعها خطوات سريعة ومتقدمة إلى الأمام.

* إلى أين وصل الحال بالأديب والمثقف الأردني؟
– لا أظنك أخي العزيز الاعلامي المبدع محمد البدوي، تنتظر مني أن اقول لك، إن حال الأديب والمثقف الأردني كحال النمور في اليوم العاشر، فالأديب الأردني لديه من الكرامة والكبرياء، ما يجعله يقبض على الجمر، أو يسرق النار، ويظل علامة فارقة في الصبر على الشدائد، إنه يلتزم بهموم شعبه وأمته، ويكتب ويكتب حتى لو لم يجد وسيلة النشر، وتبقى في أدراجه كنوز تنتظر الفرج، الأوضاع المعيشية ضاقت على المبدعين ، وقد أتقن الجميع فن القدرة على التكيـّف مع الظروف، والابداع تحت طائلة الفقر..ولنا أن نفخر في الأردن بسقف الحرية العالي، كيف لا، والأردن هو الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم يعد فيها رقابة على النشر، ويستطيع أي كان أن ينشر كتبه دون المرور على دائرة المطبوعات والنشر.

*هل يوجد لدينا مثقفون وأدباء وصلوا للعالمية؟
– نعم، يوجد لدينا أدباء وصلوا للعالمية، وذلك بفضل الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية، سواء بالجهود الفردية، أو من خلال الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وبعض وزارات الثقافة العربية، او المؤسسات المعنية بالترجمة، واسمح لي ألا أذكر هنا – لضخامة العدد – إلا: مصطفى وهبي التل(عرار)، تيسير السبول، أمجد ناصر(يحيى النعميات بني صخر).

*هل لكم أن تقارنوا بين الأدب والثقافة بين الأمس واليوم؟
– نعم، شهدت الحركة الأدبية المحلية، نهضة وازدهارا ثقافيا حتى تسعينات القرن الماضي، فمنذ تأسيس إمارة شرق الأردن عام1921، كان لديوان الأمير عبد الله (الملك عبد الله الأول فيما بعد) دورا في تفعيل الحياة الثقافية العربية، إذ أن معظم جلسائه في الديوان من جميع الأقطار العربية،وحين ظهرت الصحف والمجلات الأدبية، ودور النشر والمطابع، وتأسست المدارس، تقدمت المملكة على الدول الأخرى أدبيا وثقافيا، وتواصل الحال حتى تسعينات القرن الماضي..وللأسف ، إن حياتنا الثقافية الآن، رغم ما فيها من تقدم علمي وتكنولوجي، إلا انها لم تستطع أن تصل لمرحلة الرواد الذين انحرموا من الهواتف والحواسيب وما فيها من شبكة عنكبوتية تـُيسر الكتابة والطباعة والنشر وتحقق التواصل بين المبدعين وجمهورهم، ها نحن نتمنى أن يظهر لنا مبدعون على غرار:عرار، خالد الساكت، عيسى الناعوري، حسني فريز، محمد صبحي أبو غنيمة، سليمان الموسى، حسني زيد الكيلاني، عباس عبد الحليم عباس، صبحي القطب، جوليا صوالحة، وعشرات غيرهم.

* بصراحة هل الأدب والثقافة يُطعمان خبزا؟
– الجواب السريع لا، فطوال سنوات عملي مع الكُتاب ، والتي تجاوزت الأربعين عاما، لمست تردّي وضعهم المعيشي، وتدهور أوضاعهم الاقتصادية، ولكن تلك الأوضاع ، لم تحل دون إظهارهم الثروة الحقيقية التي يتمتعون بها، والمتمثلة في غنى النفس وعزتها وكبريائها، وفي كشف النقاب عن ثروات كبرى يمتلكونها تتمثل في إنتاجهم الإبداعي الفني ومكتباتهم القيمة، ومع ذلك فإن عددا من النقاد حين يكتبون عن إنتاج بعض الكتاب، يشيرون في مقدمة ما يكتبون، إلى أنهم ينتمون إلى الطبقة الفقيرة الدنيا، أو الطبقة الوسطى – التي يقال إنها انسحقت فيما بعد- أو الطبقة البرجوازية ، وعلى اعتبار أن الفقر ليس عيباً، فقد لاحظت بعض الكتاب وهم يَحْضُرون للرابطة سيراً على الأقدام من وسط البلد، حيث لا يملكون أجرة “السرفيس” التي ستقلهم إلى جبل اللويبدة بأجر متواضع، وحين يصلون، فإنهم يتفقون على أن يكون مأواهم الجماعي لتناول طعام الغداء: “مطعم هاشم”، أو “أبو محجوب”، أو “أبو الشكر”، أو “سندويشات فؤاد”، وأحيانا تبحث مجموعة الطفارى من الكتاب عن أي صديق يحضر للرابطة ليقاسمونه علبة سجائره.كنا نرى كتابا يستدينون تحت طائلة استلامهم مكافآت الصحف والمجلات المحلية والعربية التي نشروا فيها، والتي تتأخر غالبا، أو لا يتم، وما زلت أستمع إلى صدى كلمات ذلك الأعرابي الذي خاطب ربه معاتباً يشكو فقره رغم أنه لم تدركه حرفة الأدب، وأيضاً مقولة بعض الكتاب لبعضهم : “اتكل على الله واشتغل رقاصة أحسن لك”، وقول آخرين : “اشتغل كاتب استدعاءات، فذلك أفضل لك وأغنى”. لقد انعكس الوضع السيئ للكتاب على إنتاجهم، فتراجعوا عن نشر الكتب على حسابهم الخاص، وتوقفوا عن إصدار المجلات الثقافية، كثيرون من الكتاب تأخروا في الزواج. وإن ساروا في متطلباته، فإنهم كثيرا ما فاوضوا الزوجة وأهلها لتخفيض متطلباته.

* كيف تعرّف نفسك للقارئ؟
– محمد حسن حسين المشايخ، ناقد، من مواليدالكرامة (محافظة البلقاء- الأردن ) بتاريخ 15/11/ 1953م، حاصل على بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الأردنية عام 1977م، وعلى شهادة دورة الإدارة العليا من معهد الإدارة العامة الأردني عام 2001م، عملت سكرتيراً تنفيذياً للأمانة العامة للإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، كما عملت خلال السنوات1978- 2006 مديراً إدارياً لرابطة الكتاب الأردنيين، بالاضافة إلى عملي مديرا إداريا وتنفيذيا لمجلة الرابطة (أوراق)، ومديرا تنفيذيا لنشرة “رابطتنا”، وعملت خلال السنوات2006-2014مديرا لمكتب مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري الكويتية في عمان.وكنت خلال العام 2010 مقررا، ثم عضو لجنة الإصدارات والمسابقات، ولجنة مكتب المنسق العام، المنبثقة عن اللجنة العليا للزرقاء مدينة الثقافة للعام2010، ومدير تحرير مجلة الزرقاء الثقافية. كما عملت محرراً ثقافياً غير متفرغ ولفترات قصيرة في عدد من الصحف والمجلات، منها: الإثنين، الوجدان العربي، طبريا، المحرر، المجد، الأردن، اللواء، الدستور، صامد الإقتصادي، فرح، وكنت رئيس اللجنة الاجتماعية في رابطة الكتاب الأردنيين المنتحب للسنوات 2011-2013، وأمين سر اللجنة الثقافية في محافظة الزرقاء.وأيضا عضو الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين خلال السنوت 2013-2017، وكنت أمين سر الرابطة للسنوات2015-2017 ، كنت مراسلا لـ:مجلة البيادر الأدبي المقدسية خلال السنوات 1978-1984م.و مجلة الطليعة الأدبية العراقية خلال السنوات 1984-1989م.ومجلة الأسبوع الأدبي التي تصدر عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق خلال السنوات 1999-2006، وأنا عضو في رابطة الكتاب الأردنيين، واتحاد كتاب آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية، والإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ونادي أسرة القلم الثقافي، ونادي خريجي الجامعة الأردنية، والجمعية الأردنية للحرية والنهج الديمقراطي، ولجنة فلسطين النقابية(سابقا)، حصلت على درع قدامى مبدعي الزرقاء من أمانة عمان الكبرى ونادي أسرة القلم الثقافي في الزرقاء عام 1999م، وعلى وعلى ميدالية مركز التفكير الابداعي في الزرقاء عام 2007.

* ما أهم ما إصداراتك؟
– بلغ عدد إصداراتي18كتابا، كان أهمها في البداية كتابي:الأدب والأدباء والكتّاب المعاصرون في الأردن: الصادر في عمان: عن مطابع الدستور عام 1989، باعتباره أول كتاب يضم فصولا تتحدث عن القصة والرواية والشعر والنقد وأدب المرأة، وغيرها من الأجناس الأدبية في المملكة خلال السنوات1921-1989، وباعتباره اول كتاب يُقدم السيرة الذاتية والابداعية لستمائة أديب وكاتب أردني، تلته كتب أخرى في مجال تراجم الأدباء الأردنيين منها:دليل الكاتب الأردني، عمان: رابطة الكتاب الأردنيين، 1994، كـُتاب من الأردن، عمان: مطبعة آرام، 1994، كما أصدرت كتبا خاصة بسيرة ونقد انتاج عدد من المبدعين منها:شعراء معاصرون: يوسف عز الدين صلاح، عمان: مطابع الدستور، 1997. أمينة العدوان: دراسة في أعمالها الشعرية، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1997. ماجد ذيب غنما:خمسون عاما من الابداع، عمان: بدعم من وزارة الثقافة، 2008.حمودة زلوم: دراسات في أدبه وشعره ، الزرقاء: المؤلف، 2008.ثم اتجهت لاصدار كتب خاصة بالمبدعين في عمان وبعض المحافظات على غرار:أنطولوجيا عمان الابداعية(أمانة عمان الكبرى)، أنطولوجيا الزرقاء الإبداعية،عمان، وزارة الثقافة:ضمن إصدارات الزرقاء مدينة الثقافة الأردنية للعام2010، .من أدباء مادبا وكـُتـّابها، مادبا، بدعم من مطبعة السفير، 2013.ثم اتجهت لاصدار المعاجم وكان منها:معجم أديبات الأردن وكاتباته، عمان، 2012.معجم شعراء الأردن، دار أمجد للنشر والتوزيع، عمان، 2017، كما شاركت في تأليف31كتابا مع مبدعين آخرين منها:عمان في عيون المثقفين ،: وزارة الثقافة ورابطة الكتاب الأردنيين، 2005، معجم أدباء الأردن، عمان:وزارة الثقافة 2007.

*هل تم تكريمكم؟
– منذ عام 1978حيث بدأت صلتي برابطة الكتاب الأردنيين، والهيئات الثقافية المحلية، اقيمت عدة فعاليات، كنت أحصل في ختامها على دروع وشهادات وأوسمة تكريمية، غير أن مهرجان الزرقاء للثقافة والفنون للعام2017، الذي اقامته مديرية ثقافة الزرقاء، خصص مديرها د.منصور الزيود، فقرة لتكريمي، برعاية وزير الثقافة أ.نبيه شقم، قدّم خلالها فيلما عن تجربتي الابداعية، وسلمني درعا يعتبر الأهم فيما حصلت عليه من تقييم مادي معنوي خلال مسيرتي الأدبية.

*هل للأدب والثقافة علاقة بالسياسة .. أم ماذا؟
– نعم توجد علاقة وطيدة بين الأدب والثقافة والسياسة، ومن يقول غير ذلك، فإنه ينطلق من موقف سياسي، ولكن في العمل الثقافي يُفضل ألا تطغى السياسة على الأدب، ومع التحوّل الديمقراطي في المملكة منذ هبة نيسان1989، صار للسياسة أحزابها ومنابرها، ووجد عشاق المسيرات الجماهيرية والبيانات الوطنية متسعا لهم من خلالها، ومع ذلك فإن معظم الهيئات الإدارية لكثير من النقابات والمؤسسات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني مُسيّسة، وتحاول أن تدفعها باتجاه ميولهم السياسية، الأمر الذي يلقى معارضة من بعض التنويريين وإن لم يكونوا يساريين.

* كيف تنظرون إلى دور وزارة الثقافة تجاه الأديب والمثقف في بلدي؟
– أعتقد أن وزارة الثقافة التي تعاني من أزمة مالية خانقة، نجحت في تكريم الأديب والمثقف الأردني، وخطت خطوات واسعة وواثقة خلال عهدها في خدمة القطاع الثقافي، فبالرغم من تواضع إمكاناتها إلا أنها استطاعت أن تقدم الكثير لتنمية الحركة الثقافية في الأردن وتعزيزها، من خلال السياسات والأهداف التي تبنتها، والبرامج والمشاريع التي تعمل على تحقيقها ومن أهمها :إقامة البنى التحتية في مختلف محافظات المملكة المتمثلة بإنشاء المراكز الثقافية الشاملة، النشر والإصدارات ودعم إصدارات المؤلفين الأردنيين، توفير المعرفة لمختلف شرائح المجتمع الأردني من خلال مشروع مكتبة الأسرة الأردنية، ومشروع مكتبة الطفل المتنقلة، منح جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية للعلماء والمفكرين والأدباء والفنانين والمثقفين، توفير الظروف المناسبة : المادية والمعنوية للمبدعين الأردنيين من خلال مشاريع التفرغ الإبداعي، ومخيمات الإبداع الثقافي، توثيق النتاج الفكري والثقافي من خلال مشاريع الذخيرة العربية والمكنز.تفعيل الحراك الثقافي في مختلف مدن المملكة، من خلال مشروع مدن الثقافة الأردنية.توفير الدعم المادي والمعنوي للهيئات والجمعيات والروابط الثقافية الأردنية.إقامة المؤتمرات والملتقيات والندوات الفكرية والثقافية.إقامة المهرجانات الفنية والثقافية المختلفة، تعزيز التفاعل والتواصل مع الثقافات الإنسانية الأخرى، من خلال إقامة العلاقات الثقافية مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة، والمؤسسات العربية والدولية المعنية، وإقامة الأسابيع الثقافية، والمشاركة في المعارض المختلفة.دعم المشاريع الثقافية الوطنية المختلفة التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني.

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock