آراء وكتاب

درس الجمعة الحكومي

احمد حسن الزعبي
على زمن المضايف كان الرجل الذي لا يستطيع أن يواجه نظرائه في المضافة ،أو لا يقدر على أن يبدي رأياً خوفاً منهم ، أو لا يعطونه دوراً في الكلام لأنهم “عارفين ميّاته”..كان لا يجد وسيلة لإثبات وجوده و تفريغ هذا الكبت سوى بالعائلة ، فور وصوله إلى البيت ويمارس دور الشيخ ، يجمع الأولاد قربه ويبدأ ينظّر عليهم ويستعرض قوته وحكمته وبطولاته..(بتعرفوا يا أولاد كنت بدّي احكيلهم هيك..أجا عبالي أقول لهم …كنت ناوي أقف واحكي..اجيت تا أسولف..أنا كلهم بيخافوا مني لا حكيت بس ما بحب أحكي)..والى غيرها من تطمينات الذات وتقدير النفس الموّجه إلى الداخل الذي لا يغني ولا يسمن من جوع!.

أول أمس “حشرت” الحكومة الشباب من مختلف المحافظات في المدينة الرياضية وجمعتهم بعشرين وزيراً بعضهم لبس “الجينز والفيزتات” ليبين انه شباب أيضا رغم انه “هو و قابيل أولاد صف”رحمة الله عليه ،المهم بدأ الرئيس بالحديث مع الشباب المختارين بعناية فائقة من مراكز المحافظات ليسمعهم توجهات الحكومة ورؤية الحكومة وبطولة الحكومة وانجازات الحكومة وعبقرية الحكومة ، وأُعجب الرئيس والفريق كثيراً بالتنظير الذي مارسه بعض الشباب والمثالية الملائكية التي تقمّصها بعضهم ،وتذمّر من الواقعية التي نطق بها الشباب الآخر..كدليل جديد أن الحكومة لا تريد أن تسمع الا صوتها..وما يطربها فقط..
**
الشباب عماد مهم في بناء الدولة ، لكن للأسف لا يملك القرار في التغيير والإصلاح ولا تسمحون لهم أن يملكوا القرار في التغيير والإصلاح ولو مرة ، انتم تحضرونهم ليجلسوا إلى جانبكم ، تماماً كما كان يفعل الآباء معنا..يجلسوننا قربهم أو في أحضانهم ليطلعونا على شكل السيارة من الداخل “هون الستيرنج،هون البريك، هون الزامور، هون الغماز،هاي ساعة الحرارة،هاي ساعة الننزين)وعندما نحاول ان نمد أيدينا على أي جهاز من أجهزة القيادة كانوا يحذرونا “لا لا أوعى..لا تخرّب”..

انتم تحضرون الشباب لتستعرضوا أمامهم غرفة القيادة وترونهم كيف تعمل الأشياء لكنكم غير مستعدين ان تتركوهم يجلسون أماكنكم أو يقتربوا من أماكن أبنائكم ، كم شاب من الحاضرين قتلتم فيه الأمل عندما عينتم أبناءكم في أفضل المراكز وأهم الوظائف؟ كم من الشباب خيّبتم ظنه بتكافؤ الفرص عندما انتزعتم حقوقه بالتوظيف بعدما وظّفتم أبناء محاسبيكم وأبناء النواب عل حسابه..ألان جئتم بهم ليصفقوا لكم ؟!!…الشباب أهم عماد في الدولة..

لكن لماذا تهمّشون الشباب الواعي الشباب الذي يطالب بحقوقه ويدافع عن بلده لا بالنفاق والتسحيج وإنما بالصوت الوطني المرتفع أين هو الطالب أيمن العجاوي طالب (البوليتكنك) من هذا اللقاء وقد تم اعتقاله منذ أسبوعين لأنه طالب بتحسين مرافق الجامعة؟ ..لماذا لا تسمعوا الشباب الذي يعاني من فقدان الأمل بغدٍ أفضل بسبب محاباة الفاسدين والتضييق على المواطنين ووضع الوطن كله في مهبّ الريح..لماذا لا تختارون الا من يجارونكم بالكلام والابتسام وقمة طموحهم التقاط “السيلفي” معكم!!..

على كل ، خطبة الجمعة الحكومية لا تفرق عن باقي الخطب التي نحفظها عن ظهر قلب..مجرد اصطفاف كلامٍ منمّق خارج رصيف الحقيقة!

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock