الهجرات المتواصلة التي دخلت الأردن منذ عصر الاستقلال كان لها تأثير قوي على حاضره ومستقبله عبيدات : التاريخ هو السجل الذي يدلنا على وجودنا وهو الذي يدلنا على هويتنا وتقرير مصيرنا * استخدام الفكر الاستراتيجي بدرجات متفاوتة من أهم وسائل مجابهة الأزمات
الحياة – محمد بدوي
– في سلسلة مقالات للنائب السابق حسن عجاج عبيدات حملت هذا الاسبوع عنوانا ” نحو مجتمع اردني جديد” جاء فيه :- وقعت أحداث مصيرية كثيرة فاصلة في تاريخ الوطن العربي والأردن. وأصبحت قضية البحث عن مجتمع أردني جديد قضية محورية. ولا شك أن المساهمة في البحث عن صورة الأردن الجديد تستوجب استيعاب الحوادث المصيرية والفكرية التي رافقتها، وبخاصة ما يتعلق منها بالعلمانية والعدالة الاجتماعية والوعي التاريخي لها.
لقد أصبحت بعض الأفكار والتحليلات الجزئية غيرمنطبقة على الواقع الراهن بسبب تغير المعطيات والظروف إن تحليل القسم الأساسي من الأفكارالمستجدة كأصول الفكر العلماني،والطائفية كظاهرة اجتماعية، والطبقات والأحزاب ، كلها يحتفظ بقيمته وفي مجال تصور المجتمع الأردني الجديد في هذه المرحلة الراهنة من تاريخنا الاجتماعي.ستكون تجربة البحث في هذه القضايا وغيرها التي تتناول المجتمع الأردني من الزوايا الاقتصادية والاجتماعية تجربة في النقد الاجتماعي المعقدة.
التاريخ هو السجل الذي يدلنا على وجودنا وهو الذي يدلنا على هويتنا وكيانننا، وتقرير مصيرنا. إن المعالجة الصحيحة للمشكلات المصيرية التي نواجهها تنطلق من مستوى المجتمع، لا من مستوى الفرد أو الجماعة. إذ أن حركة المجتمع هي التي تعين قيمة وجود الأفراد والجماعات وتحدد موضع المشاركة ومعناها في تاريخ المجتمع. ولايمكن تكوين فكرة تاريخية أصيلة عن المجتمع الأردني المعاصر دون الكشف عن طبيعة المرحلة التاريخية الحضارية والمشكلات الكبرى التي يعيشها المجتمع الأردني. ينبغي علينا أن ندرك طبيعة المرحلة التي نحن فيها إن أول مشكلة تواجه مجتمعنا اليوم هي الطائفية بمضمونها الارهابي. فقد أصبحت هذه الظاهرة من العمق والشمول بالنسبة إلى تاريخنا المعاصر.
إن الوعي السياسي والعمل السياسي والنظرية السياسية في حاجة أساسية إلى الصدور عن وعي مجتمعي تاريخي حضاري ونظرية مجتمعية تاريخية حضارية. ولا بد من الإشارة إلى الإطار الثقافي الذي لابد من الانطلاق منه لكي نفهم الأصول القريبة لوضعنا الحاضر . إن مسؤولية المفكرين الذين يعرفون معنى الحرية الفكرية والذين يناضلون في سبيل إزالة الظواهر الانقسامية كظاهرة الطائفية يسعون من أجل تحرير المجتمع من حالة الضياع والاغتراب التي يعيشها المواطن ويجب أن يتنبهوا إلى أهمية الانفتاح والمشاركة في الحوار والمناقشة. فالحقيقة كغيرها من القيم السامية تنمو بالحوار الذي يشكل محور الوصول إلى الحقيقة.
يعيش الأردن أزمة المنطقة. وتنعكس عليه أمنيا وسياسيا واقتصادياً واجتماعيا . فالهجرات المتواصلة التي دخلت الأردن منذ عصر الاستقلال كان لها تأثير قوي على حاضره ومستقبله.
وتعني الأزمة وجود تهديد لهدف قومي. ويكون على من يتصدى لها أن يملك رؤية استراتيجية يتغلب بها على سلبيات المفاجأة، ويتفادى التهديد الذي يحيق بالمصالح الوطنية فالأزمة تؤدي إلى تصعيد تلقائي لسلطة اتخاذ القرار لدى القائد السياسي وكلما ازدادت حدتها ازدادت درجة تصعيد ومركزية القرار، حيث لا يوجد وقت كاف للتشاور مع المؤسسات السياسية بل قد تؤدي الأزمة إلى أن تفوض هذه المؤسسات القائد ليتخذ ما يراه مناسبا من قرار. وقد لا يجد أمامه سوى اللجوء إلى خبرته وقدرته على اتخاذ ما يلزم من قرارات لا سيما أن وقت الأزمة يتسم بحالة من عدم اليقين . والأزمات تسقط على رؤوس المسؤولين متفاوتة في أحجامها وخطورتها ولا بد من الاستجابة لها وهي أشبه بالجلطات التي لا مناص من تذويبها، وإلا تفاقم الوضع بما لا تحمد عقباه. ولمواجهة الأزمات لا بد من وضع الخطط والاستراتيجيات اللتين تشكلان أعلى درجة في التفكير.
فالطرائق واستخدام الفكر الاستراتيجي بدرجات متفاوتة من أهم وسائل مجابهة الأزمات وتبقى الاستراتيجية لخدمة الهدف السياسي الوطني وتظل الاستراتيجية عملاسياسيا خالصاويستلزم نجاح حسن تدبيرها كضرورة لمواجهة الأزمات وإذا كان من شروط وضع الاستراتيجية وضوح الأهداف وتكاملها وواقعيتها، وأهم شروط نجاحها هوالقدرة على الابتكار والاعتماد على الذات وتتسم الاستراتيجية بالاستباقية التي ترمي إلى رعاية المصالح الوطنية وحمايتها مما يخبئه المستقبل. ولذا يجب أن لا تقوم على التقديرات والخيالات. إنما على دراسة الاحتمالات ووضع الافتراضات والمنطلقات التي يجب أن تكون مشروطة بما يجري على الأرض.