يوميات مدير مدرسة حلقة (13)

بقلم الدكتور محمد أبوعمارة

– دكتور
– نعم!!!
– الحق في ولي أمر داير يصرخ الأطفال لا يكذبون الأطفال لا يكذبون بالمدرسة!!!
– طيب جيبوه لعندي…
ويدخل رجل عمره يريد على الأربعين ….
– تفضل أستاذ شو في؟؟
– يا رجل أنا إبني ما بكذب عمرك شفت طفل بيكذب؟!!
– طيب تفضل واحكيلي شو موضوعك!!!
– يا دكتور أنا جاي لعندك لموضوع خطير جداً، ابني… ابني يا دكتور ابني!!!
– خير شو ماله ابنك!!
– فلدة كبدي، نور عيني، املي في الحياة وما بعد الحياة يا دكتور، أنا إذا متت انقطع عملي إلا من إبن صالح يدعو لي مشان هيك سميته صالح!!
– لا انت فاهم الموضوع غلط إبن صالح مش يعني اسمه صالح ولكن……
– لا يا دكتور، الموضوع أكبر مما تتخيله!!!
– طيب خير يا أبا صالح شو الموضوع؟؟
– تخيل المعلمة بتحكي لإبني صالح أنت كذاب!! صالح كذاب يا دكتور!!! صالح كذاب!!! والله لو طختني بمسدس أسهل علي، لو شنقتني بحبل أهون علي، لو رميتني من سطع العمارة أخف علي!!! لو…
– بدون لو سلامة عمرك بس خليني أفهم شو الموضوع أكيد في لُبس؟!
– لا يا دكتور أرجوك لا تحاول تدافع عن معلمتك!!
– أولاً مين هي معلمة صالح؟
– مس لينا
– طيب صالح بأي صف
– الصف الثالث
– ممتاز، طيب شو الموضوع ومتى مس لينا حكت لصالح انت كذاب؟!!
– صلي على النبي يا دكتور
– اللهم صلِ على سيدنا محمد… تفضل يا أبا صالح
– على فكرة أنا أبو رزق مش أبو صالح
– ماشي سيد أبو رزق تفضل
– يزيد فضلك، يا سيدي أول اشي بدي أسألك سؤال؟ “هم الأطفال بكذبوا؟”
– نعم الأطفال بكذبوا ولكن كذبهم يعتبر نوع من الخيال غالباً!!
– لا يا دكتور صدمتني، أنت دكتور بتحكي هيك ؟!
– نعم العلم بحكي هيك مش أنا!!!
– والله يا دكتور لا منك ولا من علمك!!
– لو سمحت التزم بالموضوع اللي أنت جاي عشانه!!!
– طيب هاي المعلمة بتتهم فلذة كبدي أنه كذاب !!
– كيف
– دخل ابني على الصف متأخر شوي
– متأخر!!
– آه متأخر شو يعني ليش مستغرب!!
– مستغرب لأنه لازم أعرف وين كاين؟
– يا سيدي نفس سؤال معلمتك وكأنكم قاريين عند شيخ واحد!!
– طيب
– فالولد حكالها إنه هو وبستنى باص المدرسة الجو تغير، وبلشت الدنيا تشتي تشتي تشتي، وفاضت المي بالشوارع صارت مثل الأنهار وصار مستوى المي يرتفع يرتفع يرتفع فخاف إنه يغرق فخلع باب الخشب للبيت اللي كان واقف على بابه وجاب عصاي وشلح الجاكيت وعلقه على العصاي وعمل منه شراع للباب اللي صار سفينة وصار يحرك الجاكيت وحسب اتجاه المدرسة والمي حاملته والدنيا بتشتي وهو راكب على الباب وطاير بالسرعة علشان ما يتأخر على الحصة بس الشوارع والدخلات كانت أزمة كتير فتأخر وأنت عارف أزمة عمان بالشتا!!
– انا وقد انسجمت بالقصة : يعني إبنك رهيب عمل من الباب قارب ومن الجاكيت شراع الله الله واحنا بشهر (9) عز الصيف طيب من وين أجا الشتا؟!!
– تخيل يا دكتور نفس سؤال المعلمة!!
– طيب شو جاوب القبطان صالح
– حكالها: الله قادر على كل شيء، فراحت المعلمة حكتله بكفي كذب يا صالح وما تعيدها وما تتأخر مرة ثانية. بالله عليك بصير تجرح شعوره لإبني الصالح صالح
– يا أبو صالح والله خيال ابنك كثير واسع والخيال الواسع سلاح ذو حدين ومرات ضرره أكثر من نفعه.
– حتى أنت مش مصدق قصة صالح !!
– طبعاً لأ مش مصدقها
– له له له يا دكتور… طفل صغير بنكذبه وبنحطم شخصيته يا زلمة الأطفال لا يكذبون!! لا يكذبون!! لا يكذبون!!!
فاستدعيت المعلمة للسؤال عن صالح….
– لو سمحت مس لينا شو قصة صالح؟؟
– “تنهدت المعلمة وقالت” : يا دكتور صالح بيكذب أكثر من ما بيتنفس !!!
– مس رجاءً لا يجوز استخدام مصطلح بيكذب مع طفل!!
– لا دكتور أنا مصّره انه كذاب ومش خيال ومش طفل!!
– طولي بالك يا مس انت معصبة زيادة عن اللزوم
– دكتور في طفل بحكي للأولاد صفه حوشوا معي مصروفكم كل يوم مشان ابنيلكم مستقبلكم، لأ والمشكلة إنه الأولاد يبصدقوه وبيعطوه مصروفهم؟ طب دكتور صالح كزب على معلمة اللغة الإنجليزية وحكالها إنه يتيم وإنه عايش عند جدته مشان ما يحل الواجب وكذب على معلم الرياضة وحكله إنه عنده قدم بلاستيك مشان ما يلعب وكذب علي كنت اعطيه كل يوم مصروف لأنه حكالي إنه أبوه بيخليه يبيع على الإشارة علكة وبياخد كل المصاري!!! دكتور…. صالح مش طبيعي وأثناء حوارنا طرق باب المكتب
– تفضل… وإذا به طفل يدخل!!!
– مرحبا دكتور
– أهلين!!
– أنا صالح…
– أهلا صالح
– شايف يا دكتور هذا هو صالح
– ليش مغلب المعلمات يا صالح
– والله يا دكتور مس لينا هي بس اللي مغلبة حالها!! وأنا ما بغلب بالعكس بس لما تكون عندك معلمة بتزيف الحقائق تخيل إلها أكثر من شهر يا دكتور موقفتني على رجل وحدة، وبحكيلها حرام يا مس حرام، وكمان بتلسعني بالكهربا!! وأحكيلك كمان سر هي أصلاً ما بتداوم ولا بتيجي عنا على الصف وأصل هي بتضل……
وهنا خرجت المعلمة عن طورها وركضت المس خلفه وهرب صالح وأنا خلفها أنادي امسكوه امسكوه هالكذاب!!!

مدير عام مدارس الرأي