آراء وكتاب

“خمسون عاماً في عالم النفط”

جواد العناني

معالي المهندس عصام الجلبي، وزير النفط العراقي الأسبق، أصدر كتاباً عن سيرة حياته بعنوان “50 عاماً في عالم النفط”. وسوف يقوم خلال أيام بإشهار الكتاب في المكتبة الوطنية بتاريخ (13آذار). وقد أهداني المؤلف نسخة موقعة من الكتاب، وحرصت على قراءة الـ (820) صفحة باستثناء الملاحق والاتفاقيات، والتي تشكل نسبة جيدة من مجموع صفحاته.

وعصام الجلبي أمضى عمره في قطاع النفط، وبعد تخرجه من جامعة لندن بمرتبة الشرف مهندسا ميكانيكياً عمل مساعد أستاذ في جامعة البصرة لمدة سنتين. ثم التحق بوزارة النفط مهندساً. وقد عمل طيلة حياته العملية في كل مرافق النفط العراقية من البحوث الزلزالية للاستكشاف والتنقيب، إلى قطاع الاستخراج، إلى التسويق، إلى مشروعات الأنابيب، ومشروعات المصافي، وحتى توقيع الاتفاقيات الكثيرة والمفاوضات مع عدد كبير من الدول. ومنذ أن غادر الحكومة قبل احتلال العراق عام (2003)، واختياره الأردن مقاماً، وهو يعمل كخبير دولي له قيمته ووزنه.

ويحتوي الكتاب على معلومات مفيدة جداً لمختلف التخصصات. فالمؤرخون والمهتمون بالتاريخ سيلمسون في الكتاب قصة التنقيب عن النفط في منطقتنا، وبشكل خاص في العراق منذ العام 1927 وحتى الآن، وكذلك سيفهمون طبيعة الصراعات الدولية في المنطقة للحصول على حقوق التنقيب في الأماكن الواعدة، وسيفهمون أن كثيراً من الصراعات والحروب والانقلابات كان النفط دافعها الأساس.

أما إذا كان الباحث من أهل الجغرافيا فسيفهم خطوط النفط ومشروعاتها في المنطقة مثل خط التابلاين وخط شركة البترول العراقية إلى فلسطين، ومن بعد 1948 إلى لبنان، وسيفهمون أهمية الموقع الجيوستراتيجي لمشروعات المصافي، وموانئ الشحن ومعابر النفط.

وإن كان القارئ من المتابعين لاحتياطات النفط وسياساته وأماكن وجوده، فيعطيه الكتاب نبذة واضحة بالأرقام والخرائط عن اماكن وجود النفط، وكميات احتياطاته العالمية، وسيلمس العلاقة الواضحة بين حجم الاحتياطات واستهداف الدول التي تتمتع بها.

وإذا أردت أن تعرف عن الاوبك، وما كان يجري داخلها من توافقات أو اختلافات، فستدرك حجم التأثير الكبير الذي تمتعت به تلك المنظمة، وكيف ضعفت بالتدريج حتى فقدت جزءاً كبيراً من تأثيرها على الأسعار في السوق العالمية.

ولا ينسى الكاتب أن يركز على علاقات العراق بالدول المجاورة. وحيث أنني ترأست الوفد الأردني إلى مفاوضات انبوب النفط مع العراق خلال الفترة 1984/1985، وكان هو ايامها وكيل اول وزارة النفط، فقد وجدت فيه مفاوضاً اريباً. وقد تكوّن الوفد ايامها من دولة الدكتور فايز الطراونة، معالي د. زياد فريز، معالي د. إبراهيم بدران، سعادة المرحوم سعد التل مدير عام شركة مصفاة البترول آنئذٍ، والمرحوم أديب باشا طهبوب المستشار القانوني برئاسة الوزراء. وحضر المفاوضات باستمرار سفير الأردن بالعراق آنذاك المرحوم سعادة السيد صالح علاوي الكباريتي.

ولا يذكر الأخ عصام التفاصيل عن هذه المفاوضات التي انتهت أيامها بتوقيع اتفاق بين البلدين.

وتمكن الأردن من ان يحصل على قرض بقيمة (590) مليون دولار من بنك الصادرات والمستوردات الأميركي. ولكن العراق آثر الا ينفذ ذلك المشروع. وقد دعيت لمقابلة الرئيس صدام حسين والذي أعلمني أنه يخشى أن تقوم إسرائيل بضرب الخط لكي تحرجه. فقلت له أن الخط داخل الأردن هو خط أردني. وأن أميركا وإسرائيل لم تعارضا حيث قبلت أميركا تمويل الخط، وأن جلالة المرحوم الملك الحسين كان تواقاً إلى حد كبير لبنائه. ومع الأسف، ذهب العراق إلى مشروع أنبوب في المملكة العربية السعودية نفذ على مرحلتين، ولم يعمل إلا لفترة محدودة.

ولكن العراق قدم مساعدات كثيرة للأردن، خاصة إبان مطلع الثمانينيات في حكومة السيد مضر بدران الثانية. وقد تعاونت سلطة المصادر الطبيعية مع الخبراء الزلزاليين العراقيين، والذين أجروا كثيراً من المحاولات الاستكشافية، ولم يجدوا نفطاً بكميات تجارية. ويؤكد السيد عصام الجلبي أن الناس الذين يتحدثون عن وجود نفط في الأردن يخلطون بين الصخر الزيتي الموجود في الأردن، والنفط السائل غير المتاح.

الكتاب جدير بالقراءة، وها نحن ثانية نتحدث عن مشروع انبوب النفط. ويؤكد الوزير الجلبي أن طاقة المشروع الجديد يجب أن تكون (2) مليون برميل يومياً وليس مليوناً واحداً من اجل تعزيز جدواه. ويؤكد أنه بديل استراتيجي هام لتصدير النفط من جنوب العراق حيث يوجد أكثر من (80 %) من احتياطي النفط العراقي الذي يقارب (140) مليار برميل.

عند الرجل كلام مهم كثير، وكتابه يستحق القراءة وندوة إطلاق هذا الكتاب تستحق الحضور.

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock