مدونة الأردن

الشيخ عبد المحسن ابو دية التعمري

الحياة نيوز – انه الشيخ عبد المحسن بن عبد الهادي بن محمد ابو دية بن جمعة بن محمد بن حسين العبيات ” وقد ذكر الشيخ محمد في السجلات العثمانية عام 1950 حيث يقول السجل ان هناك خلافا نشب بين اهالي بيت لحم عام 1950 وقد كفلهم جميعا شيوخ التعامرة وحضر من الكفلاء الشيخ محمد العبيات “انتهى الاقتباس اما الشيخ عبد المحسن ابو دية فهو رجل ولا كل الرجال وسوف احاول في هذه العجالة البسيطة القاء بعض الضوء على ومضات من حياة الشيخ عبد المحسن ابو دية رحمه الله تعالى فهو من الرجال الذين شكلوا رموزا شامخة في حياتنا كأبناء عشائر التعامرة وقد ذكره الرحالة اوبنهايم في كتاب البدو الجزء الثاني في صفحة 119 حيث يقول “العبيات ومنهم الحسينات نسبة الى حسين جده وشيخهم عبد المحسن ابو دية” و ذكره القنصل الفرنسي في كتاب سيرة عرب التعامرة في صفحة 122 حيث قال “عبد المحسن شيخ عشيرة العبيات التي تسكن الان الخيام في وادي عبيان ووادي حصاصة “انتهى الاقتباس ومن حق الشيخ عبد المحسن ابو دية علينا ان نتحدث عنه و ان نوفيه بعض من حقه علينا في التكرم والاكرام بأن نذكر صفاته الطبية وعطائه وسيرته العطرة للجيل الحالي و الاجيال القادمة ليضاف كل ذلك الى سجل الخالدين في التاريخ الوطني في كل من الاردن و فلسطين و العالم العربي عامة .
ولد الشيخ عبد المحسن ابو دية في اراضي عشائر التعامرة عامة والعبيات خاصة عام 1875 و اراضي التعامرة هي ملك لعشائر التعامرة لا ينازعهم فيها منازع حيث ورثوها منذ القدم كابرا عن كابر من السلف الصالح المجاهد الذين حموها بحد السيف حيث تسكن هذه العشائر ببطونها وافخاذها الكبيرة والكثيرة و باثلاثها المحاربة والعبيات والسعدة والحجاحجة الديارالجنوبية من فلسطين حيث لم يسكن اراضيهم الواسعة المترامية الاطراف احد غيرهم حتى قبل العصر الحالي بقليل حيث بقوا محافظين على عاداتهم و تقاليدهم العربية الاصيلة و تراثهم الشعبي وشمائلهم العربية الخالدة وقد الت شيخة عشائر العبيات الى الشيخ عبد المحسن بعد وفاة عمه الشيخ مصلح بن محمد ابو دية حوالي 1910 وقد كان في ذلك الوقت الشيخ عبد المحسن في مقتبل العمر ولكن نباهة الفكر والعقل جعلت الاجماع عليه من عشائر العبيات خاصة والتعامرة عامة امرا حاصلا حيث اتفقوا على مشيخته ليكون الشيخ رقم خمسة في تاريخ عشائر العبيات بعد الشيخ مصلح و جده ابو دية و والد جده جمعة وجد جده محمد بن حسين ابو دية وما هي الا سنوات قليلة من مشيخته حتى ذاع صيته بين القبائل عامة و قبيلة التعامرة خاصةواصبح يشار اليه بالبنان كاحد ابرز شيوخ منطقة القدس عامة و شيوخ التعامرة خاصة فكان بيت الشعرالعائد للشيخ عبد المحسن ابو دية لا يخلو يوما من ضيف او صاحب حاجة او من طلاب حقوق او دخلاء حيث كان رحمه الله كريما حكيما فهيما قاضيا من قضاء مناقع الدم وله اهتمام كبير بعلم انساب العشائر إذا تكلم انصت له الجميع واذا امر اطيع فلا تسمع له مخالف في الرأي وقد بذل جهدا كبيرا في اصلاح ذات البين بين الكثير من الفرقاء سواء اكان على نطاق عشائر التعامرة او على نطاق القبائل والعشائر الاخرى فقد كان بيته وجها لفك الخصوم وحل النزاع بين من يجاوره من المناطق المحيطة من اهالي الخليل ويطا وعشائر سعيروبني نعيم كافة وغيرهم من القبائل و العشائر حصل الشيخ عبد المحسن على لقب امير من الحاكم العسكري البريطاني فايز بيك الادريسي كما هو وارد في صورة الختم المرفق في هذه المقالة .
عندما قام بحل وانهاء خلافا عشائريا بين بعض العائلات من اهل الخليل و بيت لحم و القدس بعد ان استمر ذلك الخلاف سنين عديدة لم يستطع احد أن يقوم بحل ذلك الخلاف الا ان وصلت الى الشيخ عبد المحسن ابو دية وقام بحل الخلاف بأقل الخسائر والتكاليف وقامت الجموع من عنده وهم متصالحين ويوردوا على بير و يحملوا على بعيروبما ان الكرم عند التعامرة عامة والعبيات خاصة صفة تكون عامة فقد ذكر لي احدهم انه في ذلك اليوم قام بذبح اكثر من اربعين راس من الغنم لاطعام هذا العدد و الذي يعتبر بمقاييس ذلك الزمان شي الكثيرو قد مدحه في ذلك الوقت احد الشعراء الحاضرين بقصيدة طويلة منها هذه الابيات التي يقول فيها :
يا عيال شدوا مطايبهن // على ابو احمد وعربانه
عند اخو حسن نحرفهن // يكفاك بيته و دخانه
ثلاثة ادلال مقلطين // مشروبهن من الهند بانه
كان الشيخ عبد المحسن ابو دية رحمة الله عليه يملك من الحكمة وبعد النظر والرأي السديد ما يجعله محط انظار اصحاب الحاجة والمحتاجين والمتخاصمين فان كانت هناك مشكلة مستعصية كما قلت سابقا على قوم فانهم يذهبون الى بيت الشيخ عبد المحسن ابو دية
والشيخ عبد المحسن أبودية التعمري كما هو معروف عنه انه من زعماء التعامرة المعدودين وقادتهم المشهورين فانه موصوف بالكرم و الجود وحماية الجاروالشجاعة في الذوذ عن الحمى والديارعند الملمات و إغاثة الملهوف والعطف على الفقراء والمحتاجين الذين كانوا يلازمون بيته طلبا للامن و طمعا في بره وخيره فهو من الاجواد المشهورين والشجعان المذكورين فقد قاد رجالات العبيات في العديد من غزواتهم في مواجهة الخصوم فرغم انه لم يسجل له انه بادر بالاعتداء على اي قبيلة اوعشيرة بغزو أوسلب او نهب الا انه اذاق خصومه المعتدين مر الهزيمة في اكثر من موقعة و بحكم موقع عشائر العبيات واستقرارهم في جهة الجنوب في منطقة حصاصة من برية التعامرة في المنطقة الواقعة قديما بين الحزبين المتنافسين قديما على ارض فلسطين في ذلك الوقت القيسية و اليمانية و التي يفصلهم وادي الغار عن بعضهم البعض اصبح العبيات في خط المواجهة الاول امام القيسية ولم يكن يمر يوم من الايام دون مناوشات او مواجهات مع القيسية الخصم اللدود وقد كان رجالات العبيات لهم بالمرصاد وحيث اطلق و يطلق التعامرة للان على العبيات لقب ” سدادة القبلة ” اي انهم يسدون هذه الثغرة التي قد يغزي القيسية منها اليمانين وهي جهة القبلة بالنسبة لاراضي عشائر التعامرة بقوتهم وبسالتهم امام الاعداء ونعود الى شيخنا الجليل الشيخ عبد المحسن ابو دية والتي من كراماته انه كان اذا اكل احد من الاشخاص من طعامه وهو في بيته ولو قطعة من الخبز فانه يتفائل به خيرا و كثيرا ما كنا نسمع وللان الكلمة التي تتردد على لسان ابناء التعامرة وبين العربان ” يا حظ ابو دية ” وكل ذلك بسبب تقواه و تمسكه بالدين الاسلامي الحنيف و حبه للخير و سمعته الحسنة وكان الشيخ عبد المحسن ابو دية فارسا من الفرسان المشهورين و فرسه العبية معروفة للجميع و التي اهديت اليه من الشيخ مثقال الفايز شيخ مشايخ بني صخر للعلاقة الوثيقة بين شيوخ بني صخر و التعامرة عامة و العبيات خاصة و قد حصلت زيارة من عشائرعبيات مطير من السعودية عام 1947 الى عبيات التعامرة في فلسطين وكانوا قد قدموا على الخيل من نواحي حفر الباطن وحلوا ضيوفا على شيخ العبيات عبد المحسن ابو دية وتم الاحتفاء بهم و إكرامهم ناهيك عن زيارة مماثلة قد حدثت في الكويت عام 1964
توفي الشيخ عبد المحسن رحمه الله 1950 وفي موسم الحصيدة ودفن في مقبرة قبة رحيل بجانب قبر جده محمد أبو دية رحمة الله عليهما وقد حزن على موته ابناء التعامرة عامة و العبيات خاصة وهم يرددون الابيات والاهازيج الحزينة لفقده ،وصدق الشاعر حينما قال :
و الناس كلهم لفقدك واحد // في كل بيت رنة و زفير
عجبا لاربع اذرع في خمسة // في جوفها جبل اشم كبير
انجب الشيخ من الابناء الذكور احمد ومحمد و موسى وابراهيم و زعل و من البنات حلوة و رحمة و مريم وقد ترك لنا الشيخ عبد المحسن ابو دية ارثا كبيرا من ابنائه من بعده وأحفاده منهم من يقوم بعمله داخل الوطن ومنهم يعمل خارج الوطن كسفراء لنا امثال السيد عماد ابو دية ” ابو خطاب ” في السعودية مديرا لادارة التخطيط وهو من الشباب الذين نفخر بهم و بسمعتهم الطيبة ومثله الكثير .

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock