آراء وكتاب

تطفيش استثمار ومنح !

الحياة نيوز – كتب : ابراهيم عبدالمجيد القيسي
قبل عامين؛ تعرضت سيارتي لصدمة من سيارة أخرى، تبين أن سائقها أردني يقيم في تركيا، وكان زائرا لمسقط الرأس لمشاركة بناته المتزوجات مناسبة عيد الفطر، وكان لا يحمل رخصة قيادة، أخذ رقم هاتفي بعد أن سامحته فعلا عن الخطأ، وتقربت الى الله تلك الليلة بهذا العفو عن المخطىء، لأنني أساسا كنت في طريقي الى المستشفى لإخراج «شوكة سمك» عالقة في حلقي، فهي سبب خروجي من المنزل تلك الساعة بعد أن تناولت ذلك الغروب فطورا من سمك طازج حتى أشواكه، وأعتقد أن الرجل «سافر» عائدا الى بيته في تركيا، ولم يتصل معي مطلقا، لكن المهم ان الشوكة خرجت تلك الليلة من حلقي بتسهيل ورحمة من الله تعالى.
يقولون بأن أعداد الأردنيين الذين يذهبون للاقامة في تركيا تتزايد، ووصفها بعضهم بأنها ظاهرة، حيث يترك الأردنيون بلدهم ويقوموا بشراء منازل لهم في تركيا، وبعضهم بل ربما كثيرون منهم يؤسسون استثماراتهم الخاصة هناك.. ولا أكتب هنا كي ألفت عناية أحد بأن يفكر في اللحاق بركب الأردنيين الباحثين عن فرص حياة أفضل، أو «الطافشين» بنقودهم لتنميتها لا هدرها بلا طائل، وتصدمنا بعض الأخبار عن رحيل أو أغلاق استثمارات قائمة، والمبالغة في ابتزاز الحوار العام بفرض هذه الأخبار على وسائل الاعلام وعلى تفكير الناس، على الرغم من تمام علمنا بأن المال جبان ويذهب الى المناطق الأقل تخوفا على المستقبل والأرقام.
أمس الأول سمعت إحدى الإذاعات تمارس هذا الدور من التضخيم، وتسقطه على مقولة النهضة الأردنية، واتفق متصلون على نقطة ربما سمعوها من بعضهم عبر الأثير “قال بقولوا”: إن المستثمرين يهربون من المناطق النائية في المحافظات البعيدة عن عمان لأسباب يزعمون فيها بأن المستثمرين يبررون سبب إغلاق استثماراتهم بأنهم يتعرضون لتهديد وابتزاز من قبل أبناء تلك المنطقة وقواها الاجتماعية بضرورة تشغيل أبناء المنطقة، وإعطائهم رواتب دون أن يقوموا بعمل (يعني بدهم رواتب وهم في بيوتهم)، أو يقومون بتكسير مرافق الشركة أو المصنع واغلاقه !، ولم أسمع بصراحة عن مثل هذه الحالة قبل حديث الإذاعة المذكورة، لكنني وللأمانة سمعت بأن مستثمرا عربيا «أكل كف» من أحد المجاورين لمكان استثماره الناشىء آنذاك، بل قال لي شهاد عيان بأن المعتدي «سحب سلاح» يخيف به المستثمر، وهي مواقف ربما حدثت واقترفها بحقنا بعض المتخلفين.
وثمة نموذج آخر من «أعداء النهضة»، لكنه محسوب على دعاة النهضة وفرسانها وحكوماتها!.. وهو نموذج المسؤول الذي سمح لنفسه أن لا ينجز شيئا ويسوق مبررات غير مقبولة لمثل هذا التقاعس، أصبحنا نسمع أخبارا مؤسفة جديدة بشأن المشاريع التي تتبنى الانفاق عليها جهات مانحة، فقد كتبنا سابقا عن فساد إداري بعيد عن الرقابة، يمارسه بعض المسؤولين عن هذه المشاريع التي تدعمها دول او منظمات دولية، واليوم نسمع اخبار أكثر سوءا تتعلق بعدم تجاوب بعض الوزراء والمسؤولين الميدانيين «والخبراء المزعومين» مع استحقاقات استكمال تدشين هذه المشاريع، الى درجة تضييع دفعات من هذه الأموال «بالملايين»، تضييعٌ ناجمٌ عن تأخير التوقيع على بعض الإجراءات المكتبية العادية من قبل بعض المسؤولين الحكوميين، أو انتهاء المدة كلها وتفويت فرصة على الأردن بتدشين مشاريع تنموية مدعومة من أموال خارجية، لتذهب هذه الأموال الى دول أخرى تتقن التعامل مع استقطاب الدعم الخارجي، لكن فيها مسؤولون مستنيرون، يفهمون وضع دولهم ويعملون كل ما بوسعهم لخدمة مواطنيهم.
ماذا نقول عن مساعي جلالة الملك المستمرة في تحسين صورة الاستثمار في الأردن، وفي إيجاد مشاريع تنموية لمساعدة الناس على الانتاج، أو عن مساعيه ومجهوده الجبار في استقطاب كل دعم دولي ممكن لمساعدة الأردن للقيام بالتزاماته ودوره الذي تهدده أزمات وصراعات وتحالفات شتى؟!.
كما الجرح في الكف، ما زالت «شوكة أخرى في الحلق»، وكلنا محض انتظار أن تنهض ناقة سيدنا صالح، تلك التي عقروها بذنوبهم فدمدم عليهم ربنا بعذاب ..وسوّاها، نهضة مين مع هيك مسؤولين نايمين؟!.
تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock