آراء وكتاب

هاجر ياقتيبة.. لم لا؟

فهد الخيطان

في الأخبار أن الشاب قتيبة الذي ذاع صيته بعد تفاعل رئيس الوزراء عمر الرزاز مع تغريدة له نصحه فيها بعدم الهجرة، تقدم فعلا بطلب للمنافسة على تأشيرة سفر وإقامة في الولايات المتحدة.

لم يسمع قتيبة كلام الرزاز ومثله الآلاف يحلمون بالعمل في الخارج، فمن قال إن الاغتراب والعمل في الخارج عار على الأوطان وأهلها. مئات الآلاف من الأردنيين تغربوا وما يزالون يعيشون في بلدان بعيدة وقريبة، ولم تنقطع صلاتهم بالوطن. كان هذا هو حال الملايين من البشر حول العالم منذ القدم؛ سعي دؤوب نحو الأفضل وتجربة مستمرة لاكتساب الخبرات وفرص العيش.

الاغتراب للدراسة والعمل ليست تنكرا للوطن، وفي عالم انقسم منذ زمن بعيد لدول متقدمة واخرى نامية، ظل طموح البشر في دول الجنوب الاشتباك عن قرب مع حضارات الشمال المتقدمة لنيل العلم والمعرفة والثراء.

الأردنيون مثلهم مثل سائر الشعوب العربية خاضوا في وقت مبكر تجربة الاغتراب، وأبدعوا أينما حلوا. صحيح أن الحنين للأوطان يظل فينا حتى الممات، لكن في عالم اليوم الذي تحول لقرية صغيرة،يستطيع المغترب أن يتواصل على مدار الساعة مع أهله ووطنه، ويزورهم متى شاء.

قد يقول قائل بأن الأوطان أصبحت تضيق بأبنائها؛ فقرا وحاجة وبطالة، فيغدو الاغتراب خيارا لابديل عنه.هذا صحيح، لكن العالم كله اليوم أصبح سوقا واحدة يتنقل البشر فيه كما البضائع، وتظل القيمة المضافة محفوظة للبلد الأم.

المغتربون الأردنيون هم من أكبر الجهات المساهمة في رفد الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة. وفي اغترابهم حضور مشرف لبلادهم ومساهمة تقدرها الدول المستضيفة. حتى أولئك الذين تجنسوا بهويات دول أجنبية، لم يفقدوا حقهم بالوطن،مساهمة في الحياة السياسية والاقتصادية، وخبرات مضافة لخبرات أبناء البلد.

لسنا وحدنا في هذا المضمار،في دول أوروبا يقيم الآلاف في غير بلدانهم الأصلية، وعندما شرعت بريطانيا بمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوربي كان مصير الآلاف من الإنجليز في فرنسا على سبيل المثال واحدا من أهم ملفات التفاوض. وفي أميركا بلد المهاجرين، اختار الكثيرون في السنوات الأخيرة الانتقال للعيش في كندا بحثا عن فرص عمل وحياة أفضل.

عشرات الآلاف من الأردنيين يعيشون اليوم في الولايات المتحدة وكندا، لم يتخلوا عن هواهم الأردني ولا عشقهم للمنسف، يعيشون في كنف هوية أميركية دون أن يفقدوا الإحساس بهويتهم الأردنية.
في دول الخليج العربي يمثل الأردنيون جيل البناة الأوائل، ومكونا أصيلا في قصص النجاح التي حققتها هذه الدول. دائما مايشعرنا ذلك بالفخر، فلماذا نتحسر على شبابنا اليوم إذا ما فكروا بالاغتراب؟!

شخصيا لم أجرب الحياة خارج الأردن لأكثر من أسابيع قليلة، لكن كلما التقيت أردنيا مغتربا وسمعت قصة حياته في الغربة، لا أجد ما يدفعني للحزن أو الحسرة على بلادنا. الحياة ممكنة في دول الاغتراب، وقد تكون في كثير من الأحيان بمواصفات أفضل من الحياة في الأردن، ذلك لا يعيبنا ولا يدفعنا للشعور بالجحود.

نحب وطننا ونفديه بالأرواح، لكن نستطيع أن نعيش بعيدا عنه. هاجر يا قتيبة ما المشكلة أن تهاجر؟

الغد

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock