تحقيقات صحفية ومقابلات

السي أعراب لـ “الحياة” ضيق هامش الحريات يحول دون تطور الحالة الأدبية والقصة في الوطن العربي

عرفت القصة في المغرب تطوراً نوعياً منذ أربعينيات القرن الماضي

السي أعراب : ضيق هامش الحريات وطغيان السياسي يحول دون تطور الحالة الأدبية والثقافية والقصة في الوطن العربي

* من الضروري أن نستثمر في التربية والتعليم والثقافة لصنع مُواطن المستقبل

* بصدد كتابة روايتي الأولى وهي بعنوان “حديقة القلب”

* لا يذكر التاريخ أن الأدب كان مصدر عيش كريم. لكن هناك استثناءات كثيرة

 الحياة – حاوره محمد بدوي

أكدت المهندسة والكاتبة من المملكة المغربية نعيمة السي أعراب في لقاء خاص وحصري لـ”الحياة” بأن أن التنوع الهائل لمصادرالمعلومات والميدياوالتواصل الاجتماعي حقق انفتاحاغيرمسبوق للثقافات والقوميات على بعضها ربما هذا الانفتاح سبب نوعا من الصراع الفكري لكنه مد جسرا لتلاقح لانهائي بين الذات العربية والآخر. وهذا جعل المثقف العربي لايكاد يختلف عن المثقف العالمي أو الغربي تحديدا منوهة بأن القصة أو الرواية تعرف أوالفنون السردية عموما (بما فيها السيرة) انتشارا واهتماما كبيرا في الوطن العربي بنسبة تفوق المجالات الإبداعية الأخرىلكنها تظل محصورة في منتديات وتجمعات ضيقة ولا تلقى الدعم الذي تستحقوتالياً نصّ اللقاء :

 *كيف تنظرين إلى الحالة الثقافية والأدبية في الوطن العربي؟

– الحالة الثقافية في الوطن العربي متأثرة بالوضع العام وهذا طبيعي. فنجد أن تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية عموما وطغيان الهرولة السياسية والإسترزاق جعلت ثقافة البهرجة والفلكلور هي الطاغية للأسف مع وجود استثناءات بالطبع إذ أن دور المثقف الحقيقي هو المقاومة. هذا بالإضافة إلى أننا نعيش في زمن يعرف الكثير من التغيرات المتسارعة على مستوى القيم بفعل العولمة وتطور التكنولوجيا ووسائل الاتصال خاصة مع اكتساح الافتراضي.

لكن من جهة أخرى نلاحظ أن التنوع الهائل لمصادر المعلومات والميديا والتواصل الاجتماعي حقق انفتاحا غير مسبوق للثقافات والقوميات على بعضها.ربما هذا الانفتاح سبب نوعا من الصراع الفكري لكنه مد جسرا لتلاقح لانهائي بين الذات العربية والآخر. وهذا جعل المثقف العربي لا يكاد يختلف عن المثقف العالمي أو الغربي تحديدا، إلا فيما يخص الهوية الدينية والجغرافية وكذا المكانة المميزة التي يحتلها المثقف الغربي في مجتمعهوهكذا نرى مثلا أن المثقف في العالم العربي أوالأديب بشكل خاص بفضل ما هو متاح تقنيا وتفاعليا اليومأصبح مؤثرا بشكل مباشر في واقع الأحداث وليس مجرد متابع لها في انتظار نهايتها حتى يقوم بتأريخها روائيا أوشعريا. ويمكننا القول عموما أن الأدب لازال يحتفظ بمكانته في تشكيل ثقافة المواطن العربي، وإن غير قليلا من شكله ووسائله.

 *ماذا عن القصة في الوطن العربي ودرجة الاهتمام بها؟

– تعرف القصة أو الرواية أو الفنون السردية عموما (بما فيها السيرة) انتشارا واهتماما كبيرا في الوطن العربي بنسبة تفوق المجالات الإبداعية الأخرى، لكنها تظل محصورة في منتديات وتجمعات ضيقة ولا تلقى الدعم الذي تستحق بينما هناك لوبيات خاصة تتحكم في الدعم الذي يمكن تقديمه للكتاب كما تسيطرعلى دواليب المهرجانات وصناعة القصة حتى الجوائز التي تخضع غالبا لاعتبارات ليست بالضرورة ثقافية أو إبداعية، وإنما منطق الولاءات والتبعية قبل كل شيء.

 *هل تعتقدين بأننا سنرى أدباء وكتابا عربا يصلون إلى العالمية ذات يوم؟

– بالنسبة للعالميةفقد حققها الأدباء العرب غير ما مرة مثلا نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب، وأحلام مستغانمي والكاتب المغربي محمد شكري وروايته “الخبز الحافي” التي ترجمت إلى 15 لغة عالمية منها اليابانية وهناك غيرهم كتاب مميزون وباستطاعتهم الوصول للعالمية كما الحال في باقي المجالات منها العلمية أو التقنية.

في اعتقادي إن الخطوة الأساسية لبلوغ العالمية تبدأ من خلال المحافظة على خصوصيات المحلية. لن تكون عالميا إذا عرضت نفسك للذوبان في مصنع عولمة الأفكاربل ضروري من التميزعبرالتشبث بالهوية والخصوصية المحلية لمفاجأة العالم بعوالمك المختلفة.

 *ما الذي يحول دون تطور الحالة الأدبية والثقافية والقصة في الوطن العربي؟

– هناك عوامل كثيرة، منها بالأساس ضيق هامش الحريات وطغيان السياسي،إضافة إلى تردي الأوضاع الاجتماعية للمواطن الذي يكتفي بالضروريات المعيشية، بعيدا عن الكتاب الذي هو غذاء الفكر.

 *هل لديك كتب أدبية قمت بنشرها واسمائها؟

– أنا حاليا بصدد كتابة روايتي الأولى وهي بعنوان “حديقة القلب” وقد وصلت إلى مراحلها الأخيرة.

 *كيف تعرفين على نفسك؟

– نعيمة السي أعراب،من مواليد الرباط (المغرب) سنة 1970م. مهندسة وكاتبة رأي. نشرت عدة مقالات على جرائد ومجلات مغربية وعربية.

 *لو كان لديك رسالة لمن يهمه الأمر لتطوير الحالة الأدبية والثقافية في الوطن العربي، ماذا تقولين له؟

– من الضروري أن نستثمرفي التربيةوالتعليم والثقافة لصنع مواطن المستقبل بالإضافة إلى ضرورة الاعتناء بالمثقف وتثمين جهده والاحتفاء بعمله وتقديره كما هوالشأن في الدول المتقدمة وهذا قرار سياسي بالأساس.

 *هل الأدب والثقافة تطعم خبزا؟

– ليس بالضرورة فمثلا بإستثناء شعراء التكسبلايذكرالتاريخ أن الأدب كان مصدرعيش كريم لكن هناك استثناءات كثيرة بالطبع لأعمال نجحت بشكل لافتوحققت مبيعات ضخمة وعائدات مالية كبيرةفي حياة الكاتب.

 *ما حال القصة والحالة الثقافية في المملكة المغربية؟

– عرفت القصة في المغرب تطورا نوعيا منذ أربعينيات القرن الماضي، انطلاقا من مرحلة التأسيس وبلوغا الى مرحلة ما سماه الكاتب المغربي الكبير احمد بوزفور الأفق الأزرق عند كتاب التسعينيات الشباب. فبخلاف القصة أو الرواية في بعض الأقطار العربية خاصة مصر بحيث ارتبطت بالسينما وتطورت معها، ظلت الكتابة السردية بالمغرب منعزلة عن الإنتاج السينمائي. كما تأثرت بفترة تضييق الحريات خلال ما عرف بسنوات الرصاص أدت إلى لجوء أغلبية الكتاب إلى الكتابة الرمزيةثم فترة التسعينات حيث بلغت القصة آنذاك نوعا من النضج والتحرر في الخطاب والقدرة الهائلة على التجريب في اللغة والطرح الفلسفي والفني والاجتماعيواليوم نحن في مرحلة جديدة حيث أصبحت للكتاب الالكتروني كلمته بينما يتسم المشهد السردي عموما بنوع من الفوضوية والضبابية وتداخل المفاهيم مع حالة من الفلتان الفكري سواء تعلق الأمر بالأنساق الفنية الأدبية أواللغة وما شابه من مقومات هذا الفن فمن جهة نجد دعاة العمل الميداني والإصرارعلى جدوى الكتاب الورقي الذي يكاد ينعدم الإقبال عليه إلافي أوساط نخبوية ثقافية خاصة وفي المقابل نجد أصحاب المواقع الإلكترونية الخاصة والتي رغم تكاثرها قد لايكون لها إقبال جاد من لدن القراء والنقاد والكتاب على حد سواءفي الختام أودالتعبيرعن شكري لكم ولجريدة الحياةوالعاملين بها وكل قراءها.

 *هل من الممكن أن تشري عبر صفحاتنا قصة من قصصك عبر صفحاتنا؟

– هي بعنوان “الثّرثارة”.. جسمها مُكتنِزعيناها الواسعتان ترصدان كلّ تحرّك، ولسانها مستعدّ للخروج والإدلاء بدلوه في كلّ حين مرحة وكثيرة المزاح تملأ البيت بهجة وفرحاً، وضحكاتها تعلو في كلّ الأرجاء. تهوى خياطة الملابس للدّمى وكلّ الإكسسوارات المتعلّقة بها. تعشق الرّقص،ولطالما ركضت وهي طفلة خلف مواكب الأعراسترقص معهم وتشاركهم الفرحة خدومة لا تتوانى عن المساعدة لإخراجك من ورطة، ما لم تكن هي من أوصلتك إليهاودودة واجتماعية تبادر بالحديث وتشجيع مخاطبها على البوح بما يطوي من أسرار، لا تلبث ان تشاركها مع آخرين بكلّ كرم وسخاء تعرف كلّ صغيرة وكبيرة عن أهل البيت، كما لا تخفى عنها أخبار سكّان الحيّ كلّ واحد باسمه وسجلّه الحافل بيانات تختزنها في بنك معلوماتها، تستعملها متى لزم الأمر لتنبيه غافل أو لطرد الملل في جلسة للدّردشةولَكَمْ تنزعج إن تفوّق عليها أحدهم في الثّرثرة وأخذ منها أضواء الأمسية.

بارعة في تقليد ضحاياها والسّخرية من شخصيتهم بعد تحليلها وسبرأغوارها مع ما يليق من الإضافة والتّضخيم الضّروريّين للإخراج المسرحيّ تحكي لك حدثاً، فتقنعك بروايتها مع أنّك حضرته وشهدت غير ما سردت عليك،فتصدّقها وتكذّب عينيك.كبُرتْ، فأصبحتْ فتاة بالغة الحذاقة. في غياب الأمّ، تتولّى مسؤولية البيت وتهتمّ بشؤون إخوتها بكلّ إخلاص وتفان تجيد الطّبخ وتحضيرالحلويات والفطائروالجميع ينتظر تذوّق وصفاتها في الأعياد والمناسبات ولا زلت أذكر أوّل مرّة أرادت تحضيرالخبزوهي تلميذة بالصّفّ الرّابع ابتدائي…تضع الطّحين في القصعة، تضيف الماء وبعض الملح والخميرة فلا ينضبط العجين. تزيحه جانباً وتبدأ الخلطة من جديد حتّى استنفذت كلّ الدّقيق المتوفّر في البيت.نالت علقة ساخنة على إثرها، لم تكن أوّل ولا آخرعلقة تظفربها.لعلّها حظيت بأوفر حظّ من العقوبات من بين إخوتها لكنّ ذلك لم يثنها عن المضيّ قدماً نحو المزيد من المغامرات.

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock