تحقيقات صحفية ومقابلات

الفرشيشي لـ”الحياة” أيّ مال خارجي يسعى الى تفتيت التجارب الوطنية

عَملت بالصحافة الثّقافية في الملاحق الثقافية التونسية عبر كتابة النقد الأدبي
الفرشيشي  أيّ مال خارجي يسعى الى تفتيت التجارب الوطنية وتشكيل المشهد الثقافي بقوة المال هو بمثابة استعمار للسلطة الثقافية
* الحالة الإعلامية والصحفية في الوطن العربي هي حالة صحية تتميز بتعدد وسائل الاعلام
* الحالة الثقافية في الوطن العربي مُربكة حاليا ان لم اقل سريالية وغير متجانسة
* الكثير من الإبداعات والكتابات العربية تترجم إلى العالمية ولكن ترتبط العالمية بنيل جوائز مهمة
الحياة – حاورها محمد بدوي
عَملت بالصحافة الثقافية في الملاحق الثقافية التونسية عبر كتابة النقد الادبي واجرت حوارات مع مثقفين ومبدعين واشرفت على ملفات ثقافية في صحيفة السفير التونسي . حاليا تُشرف على “بيت السرد” وهو ناد ادبي نقدي ينظر في اهم اشكاليات الادب الحديث واكتب في مجلة “المصير” الثقافية الفكرية عبر كتابة الدراسات النقدية واجراء حوارات. من كتاباتها النقدية ” اوركسترا الشاعر” ومن كتبها القصصية “المشهد والظل”.
حازت على جائزة الكريديف عن مركز الدراسات والبحوث والتوثيق حول المراة ايام الثورة التونسية و المجموعة القصصية “اوشام سرية” صدرت في 2015 وترجمت بعض نصوصها الى الانجليزية في مجلات عالمية باستراليا وامريكاإنها الزميلة الصحفية والقاصة الأديبة هيام الفرشيشي من تونس الخضراء الذي كان لـ”الحياة” لقاء خاصا وحصريا معها حول الشأن الإعالمي والثقافي في الوطن العربي إلى أين يسير وتاليا نص اللقاء :-
* كيف تنظرين إلى الحالة الإعلامية والصحفية في الوطن العربي؟
– الحالة الاعلامية والصحفية في الوطن العربي هي حالة صحية تتميز بتعدد وسائل الاعلام وتعدد مجالات تبليغ المعلومة بل صار الاعلام هو الاقرب لهواجس الناس ومشاغلهم ورغم تعدد الاجندات الاعلامية وربطه بمصالح جهات معينة لها نفوذ سياسي ومالي الا ان الاعلام بشكل عام يلبي حاجة المواطن العربي لمعرفة القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية ومتابعة الصراعات الايديولوجية الساخنة.
أما ثقافيا فهو ينطوي على معاول النقد التي تترصد وتحلل وتناقش وتشير الى الهناتوانفتح الاعلام على اغلب التجارب فلم يعد حكرا على اسماء بعينها ورغم المؤاخذات على توجه بعض وسائل الاعلام ودورها الخطير في قلب القيم الاجتماعية وطمس الهويات الثقافية الا اننا نعول على المعالجة النقدية لتداعياته الخطيرة. خاصة وان هناك هيئات حكومية تتابع وتراقب كل اخلال لكل مواثيق الاعلام.
* هل تعتقدين أنه لدينا ديمقراطية حقيقية في الإعلام والصحافة العربية؟
– هناك ديمقراطية مزدوجة إذ من حق أي وسيلة إعلام أن تتبنى الخط التحريري الذي تراه مناسبا ونتج عن هذا توجيه خطير للراي العام ومحاولة استقطابه والتاثير عليه بل تعددت الحقائق حول الوقائع والصور وكل طرف يتناولها بطريقة تخدمهمما ادى الى ارباك المتابع وتشتيت انتباهه عن الموضوعات الاساسية وبالتالي عدم تصديق كل وجهات النظر لانها تفتقر للمهنية والموضوعية بل صار يدرك أن الجهات التي تقف وراء وسائل الاعلام متصارعة لا تعنيها قضايا الشعوب بل حساباتها الضيقة ومن هذا المنطلق لايمكن تتحقق الديمقراطية في غياب النزاهة والمصداقية.
* كيف تنظرين إلى الحالة الثقافية في الوطن العربي؟
– الحالة الثقافية في الوطن العربي مُربكة حاليا إن لم اقل سريالية وغير متجانسة، ففي حين كنا نحلم بانفتاح الثقافة على التجارب والاسماء والتيارات الحداثية الجديدة وقدرتها على تشكيل مشهد ثقافي بديل فان ما نراه الان اختلاط الحابل بالنابل. تظاهرات تدعو أي كان دون مقاييس مضبوطة في غياب لجان لها قيمة علمية وثقافية، جمعيات ثقافية يديرها نكرات او متمعشون سلط اشراف ثقافية عربية أغلبها منصاع للمشهد الثقافي الخادع، اسماء بدون نصوص قوية تصول وتجول في الندوات العربية مؤسسات عربية لبلدان خليجية تتمدد في بلدان عربية تؤثر على القرارات الثقافية الرسمية ومع ذلك نحلم بمشروع ثقافي متجذر في بيئاتنا ومرجعيتنا الحضارية يتقاطع مع القيم الانسانية الكبرى. نحلم ان نمسك بغربال النقد ونؤسس لمشهد ثقافي قوي، يفرض الاعمال والمشاريع الثقافية الفاعلة والقوية ويسقط الضعيف والمتطفل والانتهازي لاننا نعتقد ان الثقافة هي بديل للجهل والرجعية وسبيل للتجديد ولكن نلاحظ ان المجتمع يتراجع ويتمسك باوهام الماضي والانساق المتحجرة اذن فالقصور الثقافي وعدم قدرته على تغيير الافكار والواقع هو السبب طالما انه يقصي ويحارب كل فكر تنويري ثائر تاركا المجال للزبد المتناثر.
* بصراحة هل الأدب والثقافة تطعم خبزا ام ماذا؟
– الثقافة غذاء للفكر والروح ولكن تحتاج الى دعم لتجسيد الافكار في الواقع وانجاز المشاريع الثقافية. ثقافة الخبز وشراء الذمم والمرتزقة وتلميع المسؤولين الثقافيين هي سبب بؤس الواقع العربي. فالمال العام يهدم الثقافة والافكار الجديدة ويكرس السطحية والسذاجة سيما وان المنظومة الثقافية تتناسل من منظومة سياسية جامدة تراعي مصالح الطبقة السياسية التي تتشدق بحرية الابداع وتحاربه في الواقع. من جهة اخرى ارى ان اي مال خارجي يسعى الى تفتيت التجارب الوطنية وفرض املاءات وتشكيل المشهد الثقافي بقوة المال هو بمثابة غزو ثقافي واستعمار للسلطة الثقافية بحد ذاتها.
* كيف تعرفين على نفسك؟
– كل ما أستطيع أن أقوله عن نفسي لمن لا يعرفني عن قرب أنني أوسع من مجالات حريتي عبر الكتابة ولا أرهن قلمي وارائي لأي كان تحت أي ظرف أو ضغط أو اغراء أو ما شابهه. وأن القلم الذي لا يحطم الاوهام والاصنام لا خير فيه. هيام الفرشيشي هي مبدعة تونسية حرة لا تخاف في الحق لومة لائم ولها مشروع ثقافي أدبي نقدي عبركتاباتها وعبر اشرافها على نادي “بيت السرد”..
* هل تكتبين القصة ام الشعر … وكيف تنظرين الى حالة القصة والشعر في الوطن العربي؟
– أنا قاصة بالاساس، منذ بداياتي التحقت بنادي القصة بتونس الذي كان يشرف عليه الاديب القدير محمد العروسي المطوي وثلة من الادباء والنقاد. مجاميعي القصصية “المشهد والظل” و ” اوشام سرية” توجت بطرق عديدة ، وجدت عناية نقدية في تونس وأقلام نقدية عربية وامريكية خاصة وترجمت بعض نصوصها في مجلات وصحف اكاديمية باستراليا وامريكا.
ورغم ان لغتي القصصية شعرية أحيانا إلا أنني اتهيب كتابة الشعر سيما وان شخصيتي عقلانية بالاساس ولكن صادف ان باغتتني حالة شعرية في 2016 . كتبت قصيدة “غاب الغراب عن جنازة الجثة” فوجدتها قد ترجمت بمجلة الشعر العالمي بامريكا ولكن لم اواصل كتابة الشعر بعدها فهو من الحالات الابداعية النادرة جدا.
* هل تعتقدين باننا سنرى ذات يوم شعراء ومثقفين عرب سيصلون الى العالمية ذات يوم؟
– الكثير من الابداعات والكتابات العربية تترجم الى العالمية ولكن ترتبط العالمية بنيل جوائز مهمة على غرار جائزة نوبل للاداب التي تتوج مسار ادبي او شعري مهم انطلق من بيئته وارتقى الى الهموم الانسانية الكبرى، يحمل صاحبه مشروعا ابداعيا وفلسفيا نجح في تجسيمه. وفعلا وصل نجيب محفوظ الى العالمية لانه كان وفيا لفكره ووفيا للبيئة التي عاش فيها بكل خصوصياتها وارهاصاتها ومظاهرها وابعادها وتجلياتها.
* هل لديك ابداعات ثقافية تم نشرها وما هي؟
– اصداراتي الادبية : المجموعة القصصية “المشهد والظل” المجموعة القصصية”اوشام سرية”الكتاب النقدي”اوركسترا الشاعر”ودراسات ومقالات نقدية وحوارات ثقافية كثيرة في مجلات وصحف تونسية وعربية.
* لو كان لديك رسالة لمن يهمه الامر في الشان الثقافي والإعلامي .. ماذا توجهين له رسالة؟
– أريد أن أوجه رسالة الى المسؤولين عن الشان الثقافي بعد الثورات:هل التصقت المشاريع الثقافية التي انجزتموها بمشاغل الناس والارتقاء بافكارهم وذوقهم أم هي مشاريع تنجز تحت طلب من يدفع ومن يمول من لوبيات مالية داخلية وخارجية ولماذا لم تلعب الثقافة دورا رياديا للنهوض بالواقع الجديدوكيف نفسر القطيعة بين الناس والمثقفين طالما أنهم يقدمون لهم اشياء لا تمس الوجدان ولا تحفز الافكار؟! أعرف أن المسؤول الثقافي موظف عابر ولكن ان لم يكن يؤمن بقدرة الثقافة على التنوير والتثوير والتغيير فلا معنى لوجود هياكل ثقافية أصلا!

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock