تحقيقات صحفية ومقابلاتمحليات

دروب التسويات في الشرق الأوسط على حساب الوطن الفلسطيني لصالح اليهود من ألفه إلى يائه

 * من ريغان لبريجنيف .. مشاريع تسوية تصفوية للقضية

* إعداد الكاتب والباحث في الشأن الفلسطيني عبدالحميد الهمشري والمحامي علي أبوحبلة -رئيس مجلة آفاق الفلسطينية / قسم الدراسات الاستراتيجي * الحلقة الرابعة

الحياة نيوز- بعد مد وجزر في مسالك ومسارات ودروب وتعقيدات جذور المسألة الفلسطينية التي لا مثيل لها في هذا الكون ، حيث لم يتعرض شعب لوضع مشابه لما تعرض له شعب فلسطين من هدر لحقوقه وأمنه واستقراره وسفك لدمائه دون ذنب ارتكبه ، اللهم سوى أنه تواجد فيها وكانت بلاده من ضمن التقسيمات التي حصلت لميراث الدولة العثمانية ، حيث قرر متقاسمو هذا الميراث فرض هيمنتهم على كل الأجزاء المتوافق عليها بين الحلفاء المتقاسمين للكعكة العثمانية لتمكين بريطانيا من فرض اتندابها على فلسطين لتنفيذ وعد قطعته على نفسها بإحلال شعب بديل عن سكانها لصالح جماعات في ممالك أوروبا تجمعهم صلة الدين تعرضوا للكره والضغينة في تلك البلدان على مر العصور ، والدواعي الإخلال بوعودها لطرف آخر بالاستقلال في إطار دولة واحدة في الشرق العربي خدمة لهرطقات دينية وأخرى اقتصادية تتماشى مع أطماع استعمارية بحتة تهدف للهيمنة على منطقة تحمل من الأهمية ما لا تحمله أي منطقة أخرى في هذا العالم المترامي الأطراف ، وقدر شعبها أن يكون المستهدف لأنه فيها ليقع عليه هذا الظلم وينعدم النصير والمساند الفعلي له ، ليس الشعبي ما أقصده ، فمعلوم أن كل أهل المنطقة تربطهم أواصر الدم والنسب ، يمثلون قبائل وعشائر منتشرة في مختلف الأرجاء من مدن وأرياف وبوادي وصحارى وبطون وأفخاذ هنا وهناك تعود لجذور متقاربة . بل من الواقع الرسمي الذي تحكمت فيها مصالح الإقطاعيين الضيقة مع الوضع الجديد الذي جرى ترتيبه ، وهؤلاء حكمتهم مصالح آنية ضيقة تتعلق باستمرار تسيير مصالحهم كما كان في العهد الذي سبقه ” العثماني ” ، خاصة وأن الكثيرين منهم يملكون مناطق شاسعة بسكانها في فلسطين دون أن يكونوا مقيمين فيها ، كما أن بعضهم الآخر كانوا يريدون أن يكونوا هم من لهم اليد الطولى في تسيير الشؤون ليكون لهم دور يتماشى أولاً مع موقعهم في البلد وهذا أيضاً حكمته المصالح الآنية التي لا تخدم وطن وعلى حساب السكان . ونظراً لرغبة الصهاينة وحلفائهم من الأمريكان والأوروبيين الهيمنة الكاملة عليها والتخلص من سكانها لم تحل هذه القضية رغم أن مختلف النزاعات في الكثير من مناطق العالم جرى حلها أو التوافق على منحها حريتها وإنصاف سكانها إلا في فلسطين لأن أي حل لا يخدم الأطماع الاستعمارية وأهداف لا تتماشى وأطماع الحركة الصهيونية المرتبطة بها لا يمكن الأخذ به ، فكان شعب فلسطين ضحية تلك الأطماع لتمسك أغلبيته الصامتة في ثرى وطنه ، ما يؤخذ على قيادة الشعب الفلسطيني أنها تعاملت مع الواقع الفلسطيني بحسن نوايا ولأنها كما ذكرت سابقاً حكمت الكثيرين منهم المصالح التي تبني مجد عوائل دون مصلحة الوطن الوطن ، فوضعوا جل بيضهم في سلال فارضي الكيان الصهيوني او بالسير خلف الأنظمة العربية الرسمية ، وظهر عجزهم جميعاً في كيفية إدارة ملف القضية التي ومنذ العام 1917 وهي تضيع شبراً شبراً حتى فات الفوت ولم يعد ينفع الصوت ولا الندم ولا حتى التساوق مع ما هو مطروح لأن عدونا أصبح يريد كل شيء مقابل لا شيء تماماً مثلما صنع من لا شيء كل شيء اوصله لما كان مستحيلاً ، فأصبحت القضية تعالج بمفهوم مكاسب لا تسمن ولا تغني من جوع حتى وصلت الأمور للمساومة على تواجدنا على أرضنا ومن يحق له منا العيش فيها. وظلت القضية الفلسطينية في تراجع وتعرض شعبها للتهجير القسري وفرضت عليه قوانين صارمة من المحتل وفي المهاجر ووجهت اتهامات لا دخل له في صنعها وهو بريء منها براءة الذئب من دم يوسف .. هذا هو حال القضية الفلسطينية منذ ما بعد روجرز واتفاقات كامب ديفيد ، لكن ما أبقى القضية حية وحال دون تصفيتها حتى اللحظة أسهم فيها عدونا نفسه وهو ما سيسهم في إنهاء وجوده من أرضنا فججأأةة كم ظهرفجاة وللأبد وعوامل عديدة أخرى ممكن الإفصاح عنها في الحلقات القادمة. فالتقلبات المفاجئة التي تحصل كلما استجد جديد بقصد النيل منها بهدف تصفيتها وعدم استقرار الأحوال وفق ما يتمنى عدونا الصهيوني والتي تأتي بلا ترتيب وبتدبير المقتدر الجبار هي أشبه بأعاصير ومنخفضات وأنواء تمنع الانهيار ويكون مفعولها مزلزلاً فكلما ضاقت الحلقات على الشعب الفلسطيني ويظن العدو الصهيوني ومؤازروه أن الأمور قد دانت لهم وأنهم على وشك الوصول للمنشود تنقلب الطاولة رأساً على عقب ويبقى الوضع على حاله بلا حزم ولا غالب ولا مغلوب رغم تكالب كل الظروف لصالحه والمنجد في كل مرة المد الشعبي الفلسطيني وأنصاره من الخيرين في المنطقة والعالم فينطلق رد الفعل كالبركان الهادر ولا زال يحول دون تصفية القضية بل ويزيد من وقع الصراع شراسة وقوة ويبقي الأمورعلى عواهنها معلقة دون حسم باانتظار فرج الله حيث سيكنس حينها الوجود الصهيو غربي من المنطقة وإلى الأبد ، فالرياح لا تجري وفق ما تشتهي سفن الطامعين من صهاينة وغربيين ، فحين احتلت كل فلسطين بعد النكسة برز دور المقاومة وألهبت الشارع العربي الذي أرغم الجميع على المقاومة وإسنادها فتفجرت حرب الاستنزاف وحين وقع أول اتفاق صلح مع دولة عربية والكيان الصهيوني ، ظهر تيار الممانعة وقارع العدو بكل شراسة وحين الخروج من مناطق التماس مع العدو الصهيوني بعد الخروج الفلسطيني من بيروت انطلقت انتفاضة 1987م ، وحين تمادى العدو في غيه بعد أوسلو تفجرت انتفاضة الأقصى ، وكلما حاول عدونا استغلال ظروف الانهيار العربي ولهاثه نحو تطبيع العلاقات معه اشتدت مقاومة شعب فلسطين وابتكر أساليب جديدة في النضال ، فالأزمات هي ما تخلق واقعاً جديداً وأساليب مبتكرة في النضال ، هذا هو قدر الشعب الفلسطيني الذي لا يكل من تقديم التضحيات في سبيل إفشال كل مشروع تصفوي ينال من طهر الوطن وقضية وكرامة الأمة والشرف الإنساني .. وبالرجوع إلى الواقع العربي وما آل إليه والتنازلات التي بات يبديها ذوو الشأن في سبيل تحرير الأراضي التي احتلت عام 1967 بمقابل التنازل عن أراضٍ فلسطينية من أراضي فلسطين التاريخية انتزعت بالإكراه عام 1948م في سبيل أمن واستقرار وسعادة الآخرين ، زاد من أطماع المستعمرين والصهاينة في سبيل فرض الرضوخ والاستسلام والانصياع لإرادته علينا مجتمعين فبدأوا باللعب بأمن واستقرار الجميع ليبقوا عاجزين عن فعل شيء حتى لمجتمعاتهم التي باتت تتضور جوعاً وتتشوق للأمن والأمان والاستقرار. فما أعقب اتفاقيات كامب ديفيد هجوم صهيوني كاسح للبنان أسفر بعد صمود أسطوري للمقاومة فيها الخروج الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية وقواتها المقاتلة من بيروت بعد أن قيل لهم من شخصية لبنانية فاعلة تمثل مكوناً رئيسياً فيه أنتم في بيروت ولستم في القدس عليكم بالرحيل والخروج منها وبعد تدخلات دولية، وجولات مكوكية للمبعوث الأمريكي فيليب حبيب جرى الاتفاق على خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، إلى عدد من الدول العربية وبالفعل تم ذلك في الفترة ما بين 21/8 وحتى 30/8/1982م أعقبها إقدام قوات بشير الجميل بحماية من القوات الغازية وبإشراف من شارون بارتكاب مجازر في مخيمي صبرا وشاتيلا في بيروت الغربية بحق المدنيين العزل . بعدها مباشرة ألقى الرئيس الأمريكي رونالد ريغان خطاباً عبر الإذاعة والتلفزيون الأمريكيين بتاريخ 1/9/1982م، تحت عنوان (مبادرة سلام أمريكية لشعوب الشرق الأوسط)، قال في مقدمته: “إن الحرب على لبنان بكل ما فيها من مآس، أتاحت لنا فرصة جديدة لإحلال السلام في الشرق الأوسط، إن علينا أن نغتنم هذه الفرصة الآن، ونحقق السلام في تلك المنطقة التي تعاني الاضطرابات، وتمثل أهمية حيوية لاستقرار العالم. يمكن ببساطة معرفة تلك الفرصة الجديدة لإحلال السلام وسبب اغتنام أمريكا لها (الآن) وذلك بعد يوم واحد من انتهاء خروج رجال المقاومة الفلسطينية من لبنان، ليفهم جيداً طبيعة ذلك السلام الذي تعرضه الولايات المتحدة الأمريكية في مشروعها الذي أطلقه رئيسها ريغان فلا مجال للتوازن بين الفلسطينيين، و(إسرائيل) في ذلك الوقت. رسم ريغان إطاراً عاماً لحل وتصفية قضية فلسطين والشرق الأوسط وذلك في إطار اتفاقيات (كامب ديفيد) التي اعتبرها السبيل الوحيد لحل النزاع العربي الإسرائيلي، لأنها لا زالت تشكل أساس سياسة الولايات المتحدة الأمريكية مقترحاً في مشروعه، سبعة مبادئ وهي : 1. إن الأمن الذي تتطلع إليه (إسرائيل) لا يمكن تحقيقه إلا من خلال سلام حقيقي 2. إن التطلعات السياسية للشعب الفلسطيني مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحق (إسرائيل) في مستقبل آمن 3. (إسرائيل) حقيقة واقعة، وراسخة، وشرعية داخل المجتمع الدولي، وعلى الدول العربية أن تقبل هذه الحقيقة 4. إن السلام والعدل لا يمكن تحقيقهما إلا عن طريق المفاوضات المباشرة والمنصفة والشاقة. 5. لـ(إسرائيل) حق في الوجود وراء حدود آمنة، يمكن الدفاع عنها. 6. لا عودة إلى حدود ما قبل 1967م وإنني لن أطلب من (إسرائيل) أن تعيش تحت مرمى مدفعية الجيوش العربية المعادية مرة أخرى. 7. إن قضية الفلسطينيين أكثر من مسألة لاجئين واستناداً إلى تلك المبادئ السبعة، رسم ريغان تصوره العملي لحل قضية فلسطين على النحو التالي: 1. إقامة حكم ذاتي كامل للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يديرون فيه شؤونهم الخاصة لمدة خمس سنوات تبدأ بعد إجراء انتخابات حرة لاختيار سلطة فلسطينية للحكم الذاتي، بحيث لا تشكل تلك السلطة تهديداً لأمن (إسرائيل 2. تجميد إقامة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة طوال السنوات الخمس، بهدف إيجاد ثقة بين العرب والإسرائيليين. 3. الولايات المتحدة لن تؤيد إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع، ولن تؤيد ضمهما أو السيطرة الكاملة عليهما من جانب (إسرائيل) 4. ترى الولايات المتحدة أن حكماً ذاتياً للفلسطينيين في الضفة وغزة مرتبطا بالأردن يوفر أفضل فرصة لسلام دائم وعادل وثابت. 5. إن النزاع العربي الإسرائيلي يجب أن يحل بمفاوضات تنطوي على مبادلة الأرض بالسلام. 6. بقاء مدينة القدس غير مجزأة، إلا أن وضعها النهائي يجب أن يتقرر بالتفاوض. وغير ذلك، وبعد طرح المشروع بأيام قليلة كان مؤتمر القمة العربي الثاني عشر (6-9/9/1982م) فآثرت الدول العربية عدم التعليق على المشروع أما (إسرائيل) فقد أعلنت رفضه.حيث تقدم العرب بمشروع سلام لتصفية القضية اطلق عليه مشروع السلام العربي (مشروع فاس) 1982 وهو مشروع كسابقه مشروع ريغان تصفوي للقضية الفلسطينية أنتج للتخلص من هذه القضية التي أزعجت النظام الرسمي العربي للصلح مع الكيان الصهيوني والتنازل له عن أراض فلسطينية اغتصبت عنوة عام 1948 حيث تبناه مؤتمر القمة العربية المنعقد في مدينة فاس بالمغرب في 6 – 9 أيلول / سبتمبر 1982، وقد تضمن النقاط التالية: 1. انسحاب “إسرائيل” من جميع الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 بما فيها القدس. 2. إزالة المستوطنات التي أقامتها “إسرائيل” في الأراضي المحتلة عام 1967. 3. ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة. 4. تأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بقيادة م.ت.ف، وتعويض من لا يرغب بالعودة. 5. إخضاع الضفة الغربية وقطاع غزة لمرحلة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة لبضعة أشهر. 6. قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. 7. يضع مجلس الأمن الدولي ضمانات سلام بين جميع دول المنطقة بما فيها الدولة الفلسطينية المستقلة. 8. يقوم مجلس الأمن الدولي بضمان تنفيذ تلك المبادئ. وقد مثَّل مشروع فاس الخط السياسي العربي العام الذي ساد حقبة الثمانينات. والذي يجمع بين الاعتراف الضمني بالكيان الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية على الضفة والقطاع. تلاه مشروع بريجينيف للسلام 1982: وهو مشروع يمثل التصور السوفييتي للتسوية. وقد طرحه الرئيس ليونيد بريجينيف في 15 أيلول / سبتمبر 1982. وركز على حق شعب فلسطين في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة بما فيها القدس الشرقية. وأكد على حق جميع دول المنطقة في الوجود والتطور السلميين والأمنيين، وعلى إنهاء حالة الحرب، وإحلال السلام بين الدول العربية و”إسرائيل”، وعلى إيجاد ضمانات دولية للتسوية. حيث رحبت به كل من م.ت.ف والدول العربية الذي لا يختلف في جوهره عن مشروع فاس. وقد أيَّد المجلس الوطني الفلسطيني السادس عشر المنعقد في الجزائرفي 22 شباط / فبراير 1983 مشروع فاس ومشروع بريجينيف. هذه المشاريع الثلاثة تسعى في جوهرها تثبيت الوجود اليهودي على الأرض الفلسطينية وهدر حقوق الفلسطينيين في أرضهم اي تصصفية اللقضية اللفلسطينييين لصالح الوجود الصهيوني تنفيذاً لرغبة بلفور. في الحلقة القادمة سنتناول مسايرة الرغبات اليورو أمريكية فلسطينياً في تثبيت أركان الوجود اليهودي على الأرض الفلسطينية بمقابل اعتراف بالوجود الفلسطيني على جزء من الأرض الفلسطينية.

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock