آراء وكتاب

صفقة ترامب ” القرن ” وهما أم قدرا ؟ !

 يتعامل الرئيس ترامب مع القادة في مختلف دول العالم من منطلق الغرور القاتل والوهم بأن ما ينطق به واجب التنفيذ والطاعة والويل لمن يخالف أو يتمرد على أوامره مما سبب إلى خلل في طبيعة العلاقة التقليدية التي تربط امريكا مع حلفاءها واصدقاءها. هذا الغرور بل العنجهية دفعته للانحياز الأعمى ومغادرة مربع اللاعب ” المحايد ” إلى مربع المؤيد والمناصر لدولة العدوان والاحتلال الإسرائيلي بل للعامل على فرض تسوية تشكل إنتهاكا صارخا لميثاق الامم المتحدة وللمواثيق الدولية وللقرارات الدولية كما لا تراعي أي من حقوق الشعب الفلسطيني وعلى رأسها حقه بتقرير المصير واقامة دولته المستقلة والتحرر من نير الاحتلال عبر ما يسمى صفقة القرن. صفقة “صفعة “القرن يتم قراءتها من منظورين مختلفين : الأول : أنها وهم يعيشه ترامب وزمرته بقدرته على فرضها. الثاني : أنها قدر لا يمكن رفضها ولا يمكن اجهاضها أو مواجهتها نتيجة للاختلال بموازين القوى. في قراءة للمنظور الأول يمكن القول ان هذا حلم يحق لترامب ونتنياهو “مجرم الحرب ” أن يحلما بإمكانية فرضه مستغلين حالة التشرذم والانقسام والضعف الذي يسود الساحة العربية إضافة إلى عدم الاستقرار والزعزعة الأمنية في عدد من دول الإقليم. وأما القراءة للمنظور الثاني بأن الصفقة قدر لا يمكن لغالبية القيادات الرسمية العربية رفضها أو اجهاضها أو مواجهتها وبالتالي لا بد من التعامل معها بهدف كسب رضى مجرم الحرب نتنياهو وصولا لرضى ترامب سيد البيت الأبيض ظنا انهم بذلك يحافظون على إستمرار تربعهم على كراسي الحكم ولو أدى ذلك إلى ممارسة كافة اشكال ووسائل الضغط على القيادة الفلسطينية ” الرافضة من حيث المبدأ القبول أو التعامل مع صفقة القرن والتي تعتبرها مؤامرة على القضية الفلسطينية ” للتراجع عن رفضها بل والتراجع عن رفض الدور الأمريكي كراعي وحيد للسلام تحت ذريعة أن الرفض الفلسطيني يعود بالضرر على الشعب الفلسطيني ” بتفويت فرصة ذهبية “لإنجاز مشروعهم الوطني. وهنا من حق المواطن العربي أن يتساءل هل الانصياع والقبول بمضامين ما يسمى صفقة القرن يحقق أمن واستقرار دول عربية غارقة إلى درجة التواطؤ بالمؤامرة النتياهوية الترامبية قبل القول بمدى تحقيقها مصلحة الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس ؟ أم أن الهدف الرئيسي لصفعة القرن ” كما سماها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ” إزالة العقدة الفلسطينية المانعة أمام إدماج الكيان الصهيوني بالمنطقة العربية والإسلامية وتطبيع العلاقات مع قادة العدوان والعنصرية ورموز الإرهاب الذين يتسابقون بالتفاخر بالإعلان عن عداءهم الأزلي للشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي وعن تنكرهم للأمم المتحدة ولميثاقها ولقراراتها واستخفاهم بالمبادرة العربية ووصفهم إياها بأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به. إذن بعد ما تقدم هل يجوز لقيادات عربية أن تتعامل بإيجابية مع مثل هذه المؤامرات ؟ أم أن الواجب القومي والإنساني والأخلاقي والديني يتطلب تضافر الجهود لإجهاض هذا المخطط الذي لا يستهدف فلسطين وحسب بل يستهدف الأمن والاستقرار والثروات العربية والكف عن التعامل مع القيادة الأمريكية وقراراتها ومخططاتها كأنها قدر لا مرد له. نعم يمكن للقيادات العربية والإسلامية والصديقة أن تتصدى لترامب وتجهض مؤامرته من خلال العمل على ما يلي : أولا : إعادة التأكيد ثنائيا وجمعيا على دعم نضال الشعب الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حتى إنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس احتراما وتنفيذا للقرارات الدولية بدأ بقرار التقسيم رقم 181. ثانيا : قيام الرؤساء والملوك والامراء بزيارة رام الله تعبيرا عن رفضهم للمس بحقوق الشعب الفلسطيني وحقه بتقرير المصير والتحرر من نير الاحتلال والاستعمار الصهيوني. ثالثا : الدعوة لقمة عربية وإسلامية طارئة أو اجتماع على مستوى وزراء الخارجية “في حال تعذر عقد مؤتمر قمة ” للإعلان عن رفض هذه الصفقة أو غيرها من المسميات لا تنهي الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967 وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 تنفيذا لقرار الأمم المتحدة رقم 194. رابعا : تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع الولايات المتحدة الأمريكية اذا لم تقم الإدارة الأمريكية بسحب مشروعها وعدم إعلان التزامها بالقرارات الدولية كمرجعية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. خامسا : ربط مستوى وعمق العلاقات الاقتصادية مع ترامب وإدارته بمدى دعمه للحقوق العربية والفلسطينية عنوانها. سادسا : الضغط على الإدارة الأمريكية لممارسة الضغط على الكيان الصهيوني وارغامه على تنفيذ اتفاق أوسلو الذي تم برعاية امريكية” وحظي بموافقة الكنيست الإسرائيلي” كخطوة على تنفيذ باقي القرارات الدولية بجدول زمني محدد وقصير. سابعا : فرض عقوبات وعزل على “إسرائيل “وحليفها الرئيسي الأمريكي في حال رفض أو التسويف بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة. هذه الخطوات ليست حلما بل رؤية للنهوض من حال السبات إلى حال اليقظة والنهضة والقوة والانتقال إلى ساحة الملعب الدولي كلاعب فاعل مؤثر على امتداد القارات العالمية. دعم الموقف الفلسطيني الرافض للتنازل عن إنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس عربيا واسلاميا ومن قبل الدول الصديقة والدول الديمقراطية المؤمنة بتصفية الاستعمار واحترام حق تقرير المصير للشعوب ورفض التعامل مع القضية الفلسطينية من منظور إنساني سياسيا واقتصاديا ثنائيا وجمعيا وفي مؤسسات الأمم المتحدة كفيل باجهاض ما يسمى صفقة القرن . إرادة الشعب الفلسطيني كطليعة للشعب العربي وللشعوب الحرة لن تستكين ولن تخبوا حتى تحرير فلسطين واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ….

تابعنا على نبض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

الرجاء ايقاف مانع الاعلانات لتصفح الموقع

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock